حنّبعل والإصلاح الإداري والجبائي د. محمّد حسين فنطر حنّبعل والإصلاح الإداري والجبائي د. محمّد حسين فنطر

حنّبعل والإصلاح الإداري والجبائي د. محمّد حسين فنطر

حنّبعل والإصلاح الإداري والجبائي





د. محمّد حسين فنطر 



لمّا انتُخب حنبعل سبطًا واجهته القضايا المالية في ظروفٍ عسيرة حفّت بقرطاج إثر حرب ضروس أكلت اللحم ونهشت العظم فلا غرو أن يكون المسؤول مهوسًا بها وبحلول أجل صرف القسط السنوي من مستحقّات غرامة الحرب.
 وقد وجد ملفًّا خانقًا يقضي بسنّ ضرائب جديدة لتوفير ما تحتاجه الدولة للقيام بواجباتها الداخليّة واحترام تعهداتها الخارجية ولاحظ حنّبعل أن جلّ الضرائب المباشرة وغير المباشرة تتحمّلها الطبقات الكادحة نظرًا لما يتمتّع به كبار القوم من امتيازات وإعفاءات وقدرة على الهروب من القيام بالواجب. ولمّا تناول حنّبعل ملفّ المالية والجباية، كان لابدّ له من الاستماع إلى رأي المتصرّف العام وقد سمّاه تيتوس ليفيوس في السفر الثالث والثلاثين من تاريخه كويستور بمعنى المتصرف العام.
 طلب حنّبعل من المتصرّف العام أن يطلعه على شؤون المالية بمختلف قطاعاتها دخلا وصرفًا في ضوء الوصول والكشوف ودفاتر التسجيل ومختلف الوثائق الخاصة بالمقابيض والدفوعات ولكن، تلكّأ المتصرّف العام ولم يعبأ بما طلبه السبط معتبرًا أنّه خارج منطقة صلاحيات الأسبطية سيّما وهو لا ينتمي إلى التيار الديمقراطي الذي يساند حنّبعل بل ينتسب إلى حزب الأوليغرشية. ثم إنّه بلغ سن التقاعد وهو مرشّح للالتحاق بهيئة القضاة وفيها يتمتّع بالحصانة وديمومة النفوذ فكلّ ذلك جعله يتجاسر ليتحدّى السبط ويستخفّ به مزدريًا تعليماته.
 وإذ كان ذلك كذلك فلا غرو أن يستشيط حنّبعل غيظا من موقف المتصرّف العام فكلّف عونا من الشرطة بإلقاء القبض عليه فتمّ ذلك، ولمّا مثُل المتصرّف العام أمام مجلس الشعب تناول السبط الكلمة ليندّد بسلوكياته  المشبوهة التي تسيء إلى هيبة الدولة وتشجّع على التمرّد واغتنم حنبعل الفرصة ليوجّه سبّابته نحو هيئة القضاة متّهمًا إيّاها بكبرياءٍ مفرطٍ وطغيانٍ موصوف يبطل مفعول القوانين فتصبح حبرًا على ورق حتّى سادت البلبلة البلاد وانعدم فيها العدل والأمن. ٠

التعليقات

سياسة التعليقات على موقع الثقافية التونسية.
1. يرجى الالتزام بالتعليق على الخبر أو التقرير أو المقال نفسه ، والابتعاد عن كتابة تعليقات بعيدة عن موضوع الخبر أو التقرير أو المقال.
2.يرجى الامتناع نهائيا عن كتابة أي عبارات مسيئة أو مهينة أو أي كلمات تخدش الحياء أو تحمل سبا وقذفا في أي شخص أو جهة أو تحوي معان مسيئة دينيا أو طائفيا أو عنصريا

أحدث أقدم

إعلانات

إعلانات