إعلاميون في زمن الإستبداد...عامر بوعزة قراءة الاستاذه منوبية الغضباني إعلاميون في زمن الإستبداد...عامر بوعزة قراءة الاستاذه منوبية الغضباني

إعلاميون في زمن الإستبداد...عامر بوعزة قراءة الاستاذه منوبية الغضباني

 إعلاميون في زمن الإستبداد...عامر بوعزة

قراءة الاستاذه منوبية الغضباني

___


___________________________


منجز قيّم أثرى به الإعلامي والصّحفي عامر بوعزة ذاكرة التّاريخ الإعلامي واضعا  القراء أمام مشهد الإعلام على امتداد سنوات وحقب ...وقد صاغه بإمتاع نادر بفضل اللّغة التي يمتلكها والتّفنّن في الأسلوب السّردي وطاقته التّعبيرية التي جعلتنانواجه بصدق وواقعية ومهارة تاريخ قطاع الإعلام بأوجاعه وانتكاساته وضغوطاته وآمال مُنْتسبيه ...فالتّقاطع بين الأمل والألم تطلّعا للزّمن الآتي وسم هذا المنجز القيّم بالإصرار على استنبات الأمل في تطوير القطاع وتحريره من القمع والإستبداد..

وكأنّي بالإعلامي  حمل إلينا في خلاصته أصداء نضالات وتمرّد موسّعا فينا كمتلقين الحيرة والوجع حول ما احتجبه الإستبداد عن إدراكنا...

يقول المؤلف عامر بوعزة

لقد بدأنا تعلّم الديمقراطية ولا نعرف عنها شيئا ولكن خبرتنا بالإستبداد عظيمة ونستطيع أن نكتب عنه كثيرا"

ويقول أيضا

تفكيك منظومة الاستبداد تتطلّب تجميع التجارب الصغيرة من روافد شتّى ..

هذا النّص غير معني بنا حدث بعد الثّورة ويهتمّ اكثر بتأمّل الماضي..

وقد جاءت محاور هذا المؤلف بدء ب

_من أجل الحقيقة

مرورا ب

_ديمقراطيون في مكينة النظام

_حرب الفضائيات

_الديمقراطية المرفوضة

_البيض كلّه في سلّة واحدة

انتهاءا الى

هل غيّرت الثّورة الإعلام ...

وهو سؤال لجواب

تطير الكلمات فيه بعيدا

و"الحديث عن أزمنة الإستبداد شفاء وبرء وتطهّر من ارباكاته ...

ففي محور "ظلال الزعيم " كانت كما ذكر المؤلف كل وسائل الإعلام المرئية والمسموعة منها مكرّسة للدّعاية السياسية وترويج الفكر البورقيبي وتمجيد انجازاته ورؤاه ومشاريعه في مقاومة الفقر وتحرير المرأة ونشر التّعليم ...حتى كأن ّالخطاب في اتّجاه واحد، من القمّة أي رأس السّلطة، إلى الشّعب و الرّأي العام دون الأخذ بحاجيّات المواطنين وحقّهم في إعلام يستجيب لحاجياتهم في مختلف المجالات ...ففي سرده المتقن الشيّق رصد في استعادة واسترجاع تفاصيل ووقائع وأحداث تؤكد تسخير البرامج الإعلامي لخدمة الإستبداد وخوض معاركه الإيديولوجية وعزله عن مجريات الظّرف ومتطلباته.
فجاءت الكتابة كتابتان ..كتابة تشرّع "للأنا "الإعلامي الباحث عن ذاته الصّانع لتجربته الرّاصد لمسيرة رحلة عصيّة لم يتيسّر لها الأخذبأسباب التّحرّر والإنعتاق من الرّقابة المقيتة..
 وكتابة في المشهد الإعلامي وحراكه الزّاخر بأهمّ الوجوه الإعلامية المتعاقبة تسييرا وبرمجة وابتكارا.....إعلاميون بحثوا من مواقعهم عن عوامل الفشل والتّدجين وسعَوْالإنتاج فعل إعلاميّ وبرامج توازي طموحاتهم متصدّين للإقصاء والمنع والسّيطرة على منابرهم.       

وفي هذا المنحى سرد المبدع عامر بوعزة أهمّ المحاولات والتّجارب والمؤشرات الدّاعمة والمؤسسة للتنويع تنظيرا وممارسة وقد أورد أسماء لمديرين ومسييرين ومشرفين ممّن تركوا بصماتهم في تاريخ القطاع الإعلامي...

شخصيات اعلامية تحتكم الى مسار وتجربة إعلامية طمحت للمواكبة والسّعي نحو انتاج الجديد والمختلف والتّحرر من الهيمنة والإستبداد والظّغط..

ومن بين هذه الكفاءات الإعلامية خصّص الأستاذ عامر بوعزة حيزا من مؤلفه للحديث عن المرحومة عواطف حميدة مديرة الإذاعة الوطنية ...وقد أفعمتني نظرة النّضج والرّقي التي رافقت الحديث عنها كامرأةوتثمين نضالاتها وجرأتها وحسن إدارتها لمؤسسة الإذاعة....

كما حرّك ذكر شقيقي المغفور له عبد الباقي الغضباني صورته في أقبية ذاكرتي ووجداني...وبدّد وجعي وحسرتي على حلمه الموؤود ...

فقد أورد الأخ عامر بوعزة في منجزه برنامجا من انتاج وتصور شقيقي في هذا المقتطف

"ورقتان على الطاولة" وهو صياغة تونسية لفكرة متداولة في الإذاعات الغربيّة وبعض إذاعات الشّرق وقد إقترحها شاب يدعى عبد الباقي الغضباني اصيل القصرين ..........لكن الضّغط النّاجم عن ردود أفعال سلبيّة بدافيها الشّخص مستهدفا لا البرنامج وهو ما أجبره على مغادرة الإذاعة والتخلي عن حلمه وكانت كل الدلائل تشير انه قادر فهو مثقف بشكل جيد يجمع بين اللغتين عربية وفرنسية بمهارة فائقة ويمتلك صوتا اذاعيا قويا واصر على الاحتفاظ بلهجته القصرينية المختلفة عن لهجة الساحل في وسط لا يقبل الإختلاف وبعد خمسة عشر عاما تلقت الإذاعة طلبا كتابيا من افراد عائلته للحصول على نسخ من ارشيف برنامجه لكن دون جدوى وكانت يد المنون قد امتدت اليه وهو في عنفوان شبابه وكانت عائلته ستسعد ولو قليلا لو أتيح لهذا البرنامج أن يحفظ في الذّاكرة 
لكن قدرنا ألّا نسعد....
ويبقى دوما للأمل مكان في قلوبنا 

كلّ الشّكر للمؤلف الرّائع عامر بوعزة الذي جعلني أمتلئ فخرا واعتزازا بشقيق حفيّ بالتّذكر والذّكر ....

فقدتصفحت هذا المنجز الذي أهداه لي الأخ المحترم ابن القصرين الشامخة ابراهيم الفريضي فسكب باهدائه غبطة وحفيف فرح في قلبي ...

قرأته على عجل وسأعود لقراءته فأزمنةالإستبداد تركت تداعياتها فينا ومضت لا تلوي على شيء....والكتابة عنها تضيء الوعي الإنساني بخطورتها ..وتقدّم دليل الإدانة الذي لا يحتمل التّشكيك ...

رحم الله شقيقي ورحم رجال ونساء الإعلام الذين غادرونا والغصّة في حلوقهم ...تاركين مشاريع أحلامهم لأزمنة الحريّة والثورات ...
تحيّة للمناضلين الصّادقين منهم  الذّين لم تحبط عزائمهم  إكراهات القطاع  فراهنواوتحدّوا  كلّ المعيقات لرسم وإرساء اصلاحات   ورؤى أكثر إتّساعا. 

شكرا من القلب للمؤلف الإعلامي المبدع عامر بوعزة

...

منوبية الغضباني

القصرين في 20.01.2021


التعليقات

سياسة التعليقات على موقع الثقافية التونسية.
1. يرجى الالتزام بالتعليق على الخبر أو التقرير أو المقال نفسه ، والابتعاد عن كتابة تعليقات بعيدة عن موضوع الخبر أو التقرير أو المقال.
2.يرجى الامتناع نهائيا عن كتابة أي عبارات مسيئة أو مهينة أو أي كلمات تخدش الحياء أو تحمل سبا وقذفا في أي شخص أو جهة أو تحوي معان مسيئة دينيا أو طائفيا أو عنصريا

أحدث أقدم

إعلانات

إعلانات