قصة من المغرب
كبريائي بين الصمت وكورونا
بقلم خديجة الخليفي
أمرر أصبعي على شاشة الهاتف، أنتقل بين أركانه، أشاهد الأحداث، أقرأ ما يكتبون! لكن ولا كلمة كنت أستوعبها، حتى الأغاني التي أحبها، أمر عليها مرور الكرام. كانت كل أفكاري مرتبطة بوصول رسالة.
اللعنة، ما الذي يأسرني ويكبلني حتى أبقى محتضنة هذا الهاتف. ما تكون هذه الرسالة؟ هل ما فيها هو السعادة برمتها؟ اللعنة! لماذا أصبحت هكذا؟!
رغم كل هذا اليقين بحقيقة الأشياء، أمرر أصبعي! ولا رسالة ولا جواب يصلاني، كان وحده السراب يبتسم لي ابتسامة كورونا!
صمت قاتل! صمت رهيب يهدد كبريائي، ويبتسم لي ابتسامة جرثومية، وبين الجائحة كورونا وهذا الصمت الممل، لا أعتقد أن هنالك رحمة. كلاهما يهدداني بالانقراض.
هنالك حل وحيد يخرجني من هذه الوضعية، هنالك حل وحيد يداوي أفكاري ويخرجني من حالة العبودية: عبودية الانتظار! انتظار الرسالة.
سأضع كمامة لن تستطيع فيها كورونا متابعتي ولن تستطيع اللحاق بي مطلقا، وأما الصمت الذي يريد مس كبريائي فسأقص جذوره من الأعماق. نعم، هذا هو الصواب! سأقص جذور الصمت من الأعماق، لن يعرف مجددا كيف ينبث! ولن أنتظر مجددا تلك الرسالة مهما كان محتواها؛ فكبريائي هو أسمى رسالة توجب علي قراءتها ومداعبتها والحفاظ عليها، كلوحة ثمينة المعنى وباهظة الثمن تحكي تاريخ أنثى في متحف تاريخي.
كل الجوارح تناقشني اليوم وتعاتبني على ما صنعت بها، لكني ما عساني قائلة لها، هي تعرف كل شيء! لكن الخلاص من كورونا بات اليوم في وضع كمامات. نعم، لقد بات الخلاص اليوم من كورونا في غسل يدي، في وضع مسافات آمنة بيني وبين من يحيطون بي! يا ليتني كنت وضعتها بيني وبين رسالة الصمت القاتل!
إرسال تعليق
سياسة التعليقات على موقع الثقافية التونسية.
1. يرجى الالتزام بالتعليق على الخبر أو التقرير أو المقال نفسه ، والابتعاد عن كتابة تعليقات بعيدة عن موضوع الخبر أو التقرير أو المقال.
2.يرجى الامتناع نهائيا عن كتابة أي عبارات مسيئة أو مهينة أو أي كلمات تخدش الحياء أو تحمل سبا وقذفا في أي شخص أو جهة أو تحوي معان مسيئة دينيا أو طائفيا أو عنصريا