للوفاء والذكرى في أربعينية الفقيد المناضل محمد بكور والفقيدة المناضلة فتحية شاكر ابنة الزعيم الهادي شاكر

 للوفاء والذكرى 

في أربعينية الفقيد المناضل محمد بكور

والفقيدة المناضلة فتحية شاكر ابنة الزعيم الهادي شاكر

كتب رضا القلال

نظمت الكشافة التونسية بجهة صفاقس عشية يوم السبت الماضي أربعينية الفقيد المناضل محمد بكور وزوجته الفقيدة المناضلة فتحية شاكر ابنة الزعيم الهادي شاكر الفذ، بمنزل الفقيدين بطريق منزل شاكر. وقدمت بالمناسبة عدة شهادات من الأستاذ عبد السلام القلال، والمناضل حامد الزغل(مسجلتان)، والاذاعيتين العزيزتين السيدة الدو القايد ونجيبة دربال، وعن الكشافة قائد الجهة، والقائدين عبد العزيز التريكي وفتحي القرقوري. ويفسر هذا الحضور الكشفي باعتبار أن المناضل محمد بكور كان كشافا، وكان من مؤسسي الاتحاد العربي والدولي للكشافين البرلمانيين، عندما كان عضو بمجلس النواب بين 1986و1994، وحتى عائلة شاكر كانت عائلة كشفية بامتياز. وستصدر جهة الكشافة بصفاقس أعمال هذه الاربعينية في كتاب توثيقي لا شك أنه سيضيف مزيدا من المعلومات والتجارب والمواقف للراحل محمد بكور.

سبق أن كتبت عن المناضل محمد بكور، في إصدار لعائلته بعنوان "المناضل محمد بكور، الماضي يضيء الحاضر" صمّمه (غروب توب) وطبعته (مؤسسة نوفا برانت) سنة 2015

وبيّنت في شهادتي يوم السبت أنه ليس هناك كتابا نهائيا، والتاريخ تتجدد كتابته باستمرار، كلما ظهرت صور أو وثائق او تسجيلات جديدة او ... والدليل على ذلك المعرض الوثائقي الذي أقيم بالمناسبة، كشف عن حشد من الصور الجديدة التي لم تنشر في الكتاب. كما كشف الأستاذ عبد السلام القلال لأول مرة عن التوجه الاشتراكي الدستوري في فكر المناضل محمد بكور، هذا علاوة على التسجيلات الطوال التي أدلى بها الفقيد إلى الأكاديميين ومؤسسات البحث العلمي، على غرار المعهد العالي لتاريخ تونس المعاصر، ومركز التميمي للبحوث والمعلومات...

وذكّرت فقط بجملة من المواقف الشجاعة التي اتخذها المناضل محمد بكور، انسجاما مع مبادئه وأفكاره، في حرية الراي وتشبته بمبدأ الديمقراطية وقناعته بان الحزب كان ملحقا بثقافة الخوف من الانفتاح:

• فقد أذهل كتلة النواب وحوّل الاذن بالصرف لصندوق التضامن الوطني 26/26 من رئيس الجمهورية الى الوزير مدير الديوان الرئاسي!

• أجبر وزارة التعليم العالي (د.عمر الشادلي) مع زملائه على التراجع عن غلق المدرسة الوطنية للمهندسين بصفاقس وتحويلها الى المنستير!

• لم يسكت عن تقاعس القيادة الحزبية في بدلية الثورة1952...ولم يسكت عن مؤامرة شيوخ الزيتونة على الزعيم فرحات حشاد العظيم والا تحاد العام التونسي للشغل...ولم يسكت عن "زيف" الحركة اليوسفية بصفاقس!

• عندما أعلمه علي حويج المصوّر المحترف بجريدة العمل في احدى زيارات الزعيم بورقيبة الى صفاقس أن سور صفاقس سيتهدم. اعلمه محمد بكور ان سور صفاقس لن يضيع وسيبقى ولن يشهد مصير أسوار تونس والقيروان. ولكن الأستاذ عبد السلام القلال المسؤول في مندوبية الحزب آنذاك، وأمام تعنت الوالي الناصر بن جعفر واصراره على هدمه، هو الذي اتصل بالطيب المهيري وزير الداخلية وطمأنه وقال له ان السور سيبقى، وهذا ما حصل.

كان المناضل محمد بكور وجهة مغرية للدارسين بحكم تجربته الطويلة والعتية والاستثنائية، وكانت له قدرة على استحضار الأشخاص والاحداث وكأنها تمر أمامه، إضافة إلى قدرته على شحن دلالاتها بالتحاليل العميقة. وفي كلمة كان أفضل مصدر للشهادات التاريخية لدى الأكاديميين.

وفي تقطير ما اريد أن أقول في قراءة جديدة لهذه الشخصية "المشاكسة"

1- ان المناضل محمد بكور كان دوما مع الحق أو ما يراه حقا

2- كان مغامرا سياسيا محصّنا بالعقل

3- كان مناضلا حاملا لمصابيح القلق والنور

كما كان المناضل محمد بكور شخصية متعددة فهو المربي الفاضل والسياسي المناضل والكشاف والبرلماني والمستشار البلدي والجمعياتي (جمعية الاتحاد الصفاقسي الزيتوني) تمرّس بالمسرح وبرياضة الشطرنج وبالصحافة حيث عمل مديرا لمكتب جريدة العمل بصفاقس، ومراسلا لإذاعة تونس من 1957 الى 1963. وقد ناضلت زوجته فتحية شاكر في صفوف الحزب والاتحاد النسائي وتقاسمت معه كل نضالاته وطموحاته.

وهذه الطينة من الرجال والنساء لا تموت، بل تبقى حية خالدة في ذاكرة الاهل والأصدقاء والمناضلين وفي عمق روح مدينة صفاقس والوطن العزيز تونس.

١٠١٠