التحديات الاقتصادية المطروحة أمام الحكومة الجديدة :
بقلم الاستاذ محسن حسن خبير اقتصادي ووزير تجارة سابق
أعتقد ان هناك شبه إجماع داخلي و خارجي على حالة عدم اليقين السياسي في تونس بالإضافة إلى خطورة الوضع الإقتصادي و المالي ، حيث يكفي الإشارة إلى أن الدولة مطالبة بتوفير ما لا يقل عن 9 مليار دينار لتمويل العجز في الميزانية في الربع الأخير من السنة الحالية بالإضافة إلى تراجع أداءعديد القطاعات الإقتصادية و تراجع النمو المتوقع .
لإنقاذ الإقتصاد الوطني من المخاطر التي تواجهه ،يتعين تحديد أولويات الحكومة الجديدة بدقه و حسن إختيار أعضاءها و تمكينها من ممارسة صلاحياتها بكل سلاسة.
من أهم التحديات المطروحة أمام الفريق الحكومي الجديد أشير إلى ما يلي :
1:استعادة الثقة بين مختلف الفاعلين في الداخل و تحفيز الأعوان الإقتصاديين و خاصة المستثمرين
2-إعادة بناء جسور الثقة مع شركاءنا في الخارج و خاصة مع المؤسسات المانحة
3-العمل على تعبئة الموارد المالية الخارجية من خلال محاولة الأتفاق مع صندوق النقد الدولي حول برنامج لإصلاح الإقتصاد الوطني و برنامج للتمويل كما يمكن التعويل على الدبلوماسية الاقتصادية للحصول على قروض بشروط ميسرة أو هبات بالإضافة إلى إمكانية إصدار صكوك سيادية في أقرب الاجال .
أشير في هذا الإطار إلى صعوبة التوصل إلى إتفاق مع صندوق النقد الدولي نظرا لأن الحكومة مؤقتة إلى حين الإنتهاء من الإجراءات الاستثنائية و لحالة عدم اليقين السياسي .
4- تعبئة الموارد الداخلية من خلال تدخل البنك المركزي لتمويل مباشر للخزينة و مراجعة قانون 2016 لتحديد شروط هذا التمويل و التقليص من التعويل على البنوك الوطنية للإستثمار في رقاع الخزينة نظرا لارتفاع قائم قروض الدولة لديهم الى مستوى غير مسبوق حيث تجاوز 18 مليار دينار بالإضافة إلى شح السيولة و إرتفاع نسب التضخم و التأثير السلبي على تمويل الإستثمارالخاص.
كما يمكن تعبئة موارد داخلية إضافية عبر تحفيز الاستخلاص الجباءي و الديواني و تطوير إنتاج الفسفاط و البترول.
5- إعداد قانون مالية تكميلي لسنة 2021 و قانون مالية لسنة 2022 تتضمن أساسا خطة للأنعاش الإقتصادي تهدف الى تطوير الاستثمارات العمومية خاصة بالشراكة بين القطاعين العام و الخاص و المساعدة على هيكلة النسيج الإقتصادي الوطني و دفع الإستثمار الخاص من خلال إجراءات جبائية و مالية استثنائية.
6- تفعيل برنامج للتدخلات الإجتماعية لصالح العائلات المستحقة و من بينهم الذين فقدوا مواطن شغلهم جراء الأزمة الحالية كما يتعين تفعيل قانون الاقتصاد الإجتماعي و التضامني لتشجيع المبادرة الخاصة .
7- وضع خطة لترميم المقدرة الشرائية من خلال تخفيض الضغط الجباءي عل الاجراء و تنويع العرض و تطوير سياسة التصرف في المنظومات الفلاحية و مقاومة الإحتكار و تأهيل مسالك التوزيع و التحكم في التوريد و دعم جهاز المراقبة الإقتصادية.
8- تكوين فرق عمل لوضع تصورات ،في أجل لا يتجاوز الثلاثه أشهر ،لمنوال إقتصادي جديد و عقد إجتماعي و سياسات قطاعية مجددة في الصناعة و الفلاحة و الرقمنة و الانتقال الطاقي و الصحة و التربية و التعليم......هذه الإستراتيجيات الجديدة تدعم اندماج تونس في سلاسل القيم العالمية و تحقق الإدماج الإقتصادي و الإجتماعي . الإصلاحات المقترحة لابد أن تشمل أيضآ تأهيل مناخ الأعمال و تطوير جاذبيته لدفع الإستثمار و التصدير و خلق الثروة.
المقترحات لابد أن تتعلق أيضا بإصلاحات تحقق التوازنات المالية الكبري و تدعم الموارد الذاتية للدولة لتقليص الضغوطات على ميزان الدفوعات و تقليص اللجوء للتداين و من ذلك الإصلاح الجباءي و هيكلة المؤسسات العمومية و إصلاح منظومة الدعم و مقاومة التهريب ...
9- تكوين فريق عمل "TASK FORCE" لتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية و الإجتماعية المتفق عليها ووضع جدول زمني ملزم لذلك و دراسة تأثيراتها المالية و الإجتماعية و الإقتصادية و كذلك كلفتها .
10- العمل على مقاومة الفساد و الرشوة في إطار القانون من خلال مراجعة التشريعات و تطوير المؤسسات و الصرامة في تطبيق القانون ..
التحديات الاقتصادية المطروحة عميقة و تتطلب مناخا سياسيا و إجتماعيا مستقرا و رؤية واضحة على جميع المستويات.
محسن حسن
إرسال تعليق
سياسة التعليقات على موقع الثقافية التونسية.
1. يرجى الالتزام بالتعليق على الخبر أو التقرير أو المقال نفسه ، والابتعاد عن كتابة تعليقات بعيدة عن موضوع الخبر أو التقرير أو المقال.
2.يرجى الامتناع نهائيا عن كتابة أي عبارات مسيئة أو مهينة أو أي كلمات تخدش الحياء أو تحمل سبا وقذفا في أي شخص أو جهة أو تحوي معان مسيئة دينيا أو طائفيا أو عنصريا