عندما يموت كبير في زمن النكران.
صورة تجمع بين الفقيد علي البقلوطي ومدير الثقافية التونسية محمود الحرشاني
كتب محمود الحرشاني
من سوء حظ البعض في هذا الوطن ان يموت مرتين مرة عندما يتوفاه الله ومرة عندما يتنكر له الوطن ممثلا في اجهزته الرسمية والاعلامية خاصة. وهذا حدث ويحدث كثيرا مع الاسف واقسى من الموت على القلوب هو الجحود. بالامس ودعنا الوداع الاخير احد كبراء الصحافة في الوطن الزميل العزيز على البقلوطي الذي لا تملك الا ان تحبه منذ اول لقاء يجمعك به. وكان خبر وفاته خبرا قاسيا على قلوب ومشاعر احبابه ومن لم يستطع حضور جنازته عبر عن حزنه والمه وفراقة عبر صفحات التواصل الاجتماعي ويكاد كل واحد له ذكريات مع الرجل الذي بدا حياته مربيا ولكن حب الصحافة كان يجري في عروقه منذ ان كان مواضبا على قراءة سندباد الموجهة للاطفال والتي كانت تاتي الى تونس من مصر الشقيقة ونشرت له المجلة صورته وهو طفل ولايزال رحمه الله يحتفظ بارشيفه بذلك العدد الذي نشرت فيه مجلة سندباد صورته.
اسس في المدارس التي عمل بها معلما مجلات درسية وكان يتولى طباعتها بالمطبعة الحجرية او الطينية واكتشف العديد من المواهب في هذه المجلات التي كان ينشؤها بحماس كبير الى جانب عمله كمعلم
وعندما عاد الى مسقط راسه صفاقس عمل مراسلا جهويا لجريدتي العمل والاكسيون وهو الذي يحذق الكتابة باللغتين ثم انطلق في مغامرته باصدار اول جريدة جهوية باللغة الفرنسية في مدينة صفاقس وهي جريدة لاغزات دي سيد واتبعها بعد سنوات بشقيقتها باللغة العربية شمس الجنوب
وفي المجلتين فسح المجال لعشرات الكتاب واكتشف المواهب الصحفية من خلال نوادي الصحافة التي انشاها في المعاهد وشجع اصحابها على النشر وكنا ممن كتبوا في المجلتين واليه يعود الغفضل في تشجيعي شخصيا على الكتابة بالفرنسية حتى تم انتدابي مراسلا لاذاعة تونس الدولية وكنت اول من قدم مراسلات باللغة الفرنسية لها طابع جهوي في اذاعة تونس الدولية
وذلك قبل ان اؤوسس مجلتي الخاصة مراة الوسط كما اسس المرحوم لطفي الجريري جريدته الجزيرة وهو تكون في شمس الجنوب ومحمد كسوده رحمه الله ا
الذي كان ابن لاغزات دي سيد جريدة صوت الوسط بالفرنسية بسوسه ولاحقا اسس توفيق الحبيبابن لاعزات كذلك مجلة ليدرز كما اطلق عèماد الحضري جريدته الخاصة الاسوعية فضلا عن عشرات المراسلين والمنشطين الذين تكونوا في شمس الجنوب مثل على المروقي وميمون التونسي وعشرات الكتاب الذين استقطبهم وواضبوا دون انقطاع على الكتابة في المجلتين
كان خبر وفاته بالامس خبرا حزينا ومن المفروض ان تقدم حبر وفاته ولمحة عنه كل وسائل الاعلام وخاصة الرسمية منها فالرجل مدرسة بكل المقايييس وهو حاصل على الوسام الوطني للاستحقاق وعلى وسام الجمهورية وعلى وسام الاستحقاق الفرنسي
ولكن التلفزة التونسية تجاهلت خبر الوفاة ولم تكلف نفسها اذاعة خبر وفاته فاحزن ذلك اصدقاؤه
البارحة مساء كتب لي الزميل ميمون التونسي ارايت التلفزة الوطنية لم تقدم خبر وفاة سي على البقلوطي
قلت له واعيدها الان لا تستغرب هذا من التلفزةفلو كان الفقيد فنانا او نصف فنان او راقصة او نصف ممثل او انستغراموز لقدموا الخبر هذه التلفزة كان فيها برنامج يستضيف المبدعين لم يخرج من العاصمة وكان الابداع والمبدعين في نظرهم موجودون في العاصمة فقط
اسفي على المبدعين الحقيقيين يموتون في زمن النكران فيكون موتهم مضاعفا
إرسال تعليق
سياسة التعليقات على موقع الثقافية التونسية.
1. يرجى الالتزام بالتعليق على الخبر أو التقرير أو المقال نفسه ، والابتعاد عن كتابة تعليقات بعيدة عن موضوع الخبر أو التقرير أو المقال.
2.يرجى الامتناع نهائيا عن كتابة أي عبارات مسيئة أو مهينة أو أي كلمات تخدش الحياء أو تحمل سبا وقذفا في أي شخص أو جهة أو تحوي معان مسيئة دينيا أو طائفيا أو عنصريا