يكتبون للثقافية التونسية //د. بن عطيالله عبد الرحمان الاطار الحضاري لاحتفالات رأس السنة الأمازيغية يكتبون للثقافية التونسية //د. بن عطيالله عبد الرحمان الاطار الحضاري لاحتفالات رأس السنة الأمازيغية

يكتبون للثقافية التونسية //د. بن عطيالله عبد الرحمان الاطار الحضاري لاحتفالات رأس السنة الأمازيغية



د. بن عطيالله عبد الرحمان



الاطار الحضاري لاحتفالات رأس السنة الأمازيغية

في كل عام جديد يعود الجدل حول منشأ احتفالات رأس السنة الأمازيغية وهي مناسبة ثقافية واجتماعية دأب سكان الشمال الافريقي على الاحتفاء بها وتكريسها كرمز من رموز الهوية الوطنية وقد اعتمدها البرلمان الجزائري والقوانين الجزائرية بتخصيص يوم الثاني عشر من شهر جانفي يوما وطنيا وعطلة رسمية وهي سابقة جزائرية في دول الشمال الافريقي

وقد تعددت الآراء واختلفت في السياق الحضاري والتاريخي لمنشأ هذه المناسبة فهناك من يرى بامتداد أصولها إلى سنة 950 قبل الميلاد حينما اعتلى ملك من أصول ليبية عرش مصر الفرعونية وهو شيشنق الأول ما يمثل ابتهاجا بوصول أول ملك أمازيغي إلى سدة الحكم في دولة مهمة خلال ذلك الزمان.

لكن هذا الرأي لا يستند إلى أية أدلة علمية فلا يوجد أي مصدر مكتوب أو منقوش يربط بين تلك الاحتفالات وسيطرة شيشنق الأول على الحكم، ثم إن الملك المذكور بالرغم من أصوله الليبية إلا أنه كان فردا مصريا بحكم التنشئة الاجتماعية والعادات والديانة وقد مر على مجيء أجداده إلى مصر قرونا عديدة، وكذلك فإن الليبيون لم يكونوا استثناء من الأجانب الذين حكموا مصر وسيطروا عليها ، فالهكسوس تمكنوا من تأسيس أسر حاكمة في مصر وهم الذين هاجروا من أواسط أسيا والنوبيون (بلاد السودان حاليا) سيطروا على الحكم في في بعض فترات الدولة الفرعونية ، ونفس الأمر بالنسبة إلى الفرس والأشوريون الذين جاءوا من العراق واليونان والرومان احتلوا مصر في العهود المتأخرة ولا نجد أي من هذه الشعوب الأجنبية تحتفل بسنوات تربعها على عرش الفراعنة.

أما الرأي الثاني وهو الأكثر ترجيحا يقر بأن رأس السنة الأمازيغية هي مناسبة زراعية احتفلت بها شعوب أخرى مثل الرومان وبعض القبائل العربية وهي إشارة إلى الارتباط بالأرض والتفائل بموسم فلاحي متميز وبمحاصيل وفيرة ويمكن للفلاح الخبير أن يفهم مدى أهمية هذا الشهر بالنسبة إلى الموسم الفلاحي.

وارتباط السنة الأمازيغية بالموسم الزراعي له سنده في المصطلحات اللغوية سواء في اللغة اللاتينية أو في اللغة الأمازيغية فكلمة يناير كلمة لاتينية مركبة من YEN وتعني واحد و AYERوتعني الشهر أي الشهر الأول من السنة وجعلت الديانة الرومانية الوثنية من يناير إله للبدايات والانتقالات وهو موجود في الميثولوجيا الرومانية باسم يانوس أو جانوس، كما أن كلمة Id N Usggas الأمازيغية تعني ليلة السنة أو باب السنة وينبغي الإشارة إلى أن الطقوس والمعتقدات التي تقام للاحتفال بيناير جميعها على علاقة بالفلاحة وبالموسم الفلاحي وليس فيها إشارات للاحتفاء بالسنة التي وصل فيها شيشنق الأول إلى عرش مصر .

إن احتفالات رأس السنة الأمازيغية شكلت مناسبة ثقافية واجتماعية لسكان شمال إفريقيا منذ مئات السنين لكنها لم تشهد كل هذا الجدل ولم تتعرض لحملات التهريج المستمرة كما أن العرب والأمازيغ تمازجوا في بوتقة حضارية وعرقية أيضا، فالاختلاف والتنوع الثقافي بالجزائر يمثلان مصدر قوة للأمة الجزائرية وفي الأخير نتمنى سنة سعيدة للجميع.

أستاذ جامعي وكاتب جزائري


التعليقات

سياسة التعليقات على موقع الثقافية التونسية.
1. يرجى الالتزام بالتعليق على الخبر أو التقرير أو المقال نفسه ، والابتعاد عن كتابة تعليقات بعيدة عن موضوع الخبر أو التقرير أو المقال.
2.يرجى الامتناع نهائيا عن كتابة أي عبارات مسيئة أو مهينة أو أي كلمات تخدش الحياء أو تحمل سبا وقذفا في أي شخص أو جهة أو تحوي معان مسيئة دينيا أو طائفيا أو عنصريا

أحدث أقدم

إعلانات

إعلانات