الثقافية التونسية..للصغار
بداية من اليوم سيكون للاطفال قسم خاص بهم في مجلتنا الثقافية التونسية ننشر فيه قصصا واشعارا ومعلومات موجهة للاطفال وابناء المدارس. املين ان يساهم هذا القسم في اثراء محتوى مجلتنا الثقافية التونسية
ادارة التحرير
....................................................................................................................................................................
#خذلتني نملة #
قصة للاطفال
بقلم الكاتبةاحلام زغمولي
استيقظت ذات صباح على صوت خشخشة المذياع .كان جدي يحاول تعديله باحثا عن إحدى الإذاعات الإخبارية .
وكان يبدو عليه الاضطراب والقلق .
لم أعرف سبب ذلك ولكن فهمت أنه يجب علي ملازمة الصمت وعدم الحديث إليه .
كان من عادة جدي أن يرتدي صباحا جبة وأن يجلس على كرسي يرتشف قهوة معطرة بماء الزهر واضعا رجلا على رجل ، وما أن أنط خارج الغرفة حتي يستقبلني بكلماته العذبة :
" صباح العسل ،صباح السّمن ،صباح الورد الجوري ،صباح التّفاح الفواح صباح القهوة في فناجينها صباح الدقلة في عراجينها " ، هكذا كان يحييني .
اليوم لم يهتم لوجودي ولم يحيني ولم يقبل خدي .
فكلّ حواسه المرئية وغير المرئية منصبّة على المذياع.
فجأة جاءه صوت المذيع يعلن أنّه تمّ قصف بعض المدن ولا أعرف بالضبط ما هذه المدن؟ أ هي مدن فلسطينية ،أم مدن عراقية ؟
كل ما أذكره أن جدّي راح يلعن أمريكا :"أمريكا أمّ البلايا ، أمريكا سبب حسرتنا ،لقد استباحت دماءنا." هذا ما كان يردّده في غضب ممزوج بمرارة وانكسار .
كنت أقف بجانبه بينما هو يجلس تحت العريشة و فجأة شعرت بألم حادّ ،إنّه النّمل الأحمر من استحلّ قدميّ وأوجعني
لا أعرف ما السّبب الذي جعلني أتخيل النّمل الأحمر جنود أمريكا ، كلاهما أصبح عدوّا لي ،بينما بات النّمل الأسود في نظري رمزا لكل من خذلته أمريكا وأنا من ستنصره وتنتصر له .
وهنا بدأت القصّة كنت أثقب أكياس القمح وأنثره قريبا منه فيجتمع حوله ويحمله إلى قريته .
أما النّمل الأحمر فقد كنت أذيقه العذاب ألوانا ، أمنع عنه فتات الخبز والقمح، وكل ما يمكن أن يقتات عليه .
بل وأسد مساكنه بالحصى وأسكب بها الماء ، وإن رأيته في حالة فزع كنت أقفز فوقه فأقتله .
كنت أنتقم من أمريكا وأنتقم لجدي ،أمريكا تلك التي يكرهها ويرى أنها سبب نكستنا.
كنت دوما أسأله هل أمريكا قوية فيزفر طويلا ،ويقول بل نحن الضعفاء .
ولكثرة رعايتي للنّمل الأسود تكاثر عدده وأصبح يحتل عريشتنا ومخزننا وعبثا حاول جدي القضاء عليه، فكلما سدّ الثقوب في الجدران والحفر في الأرض إلا وأعدت فتحها.
إلى أن وقعت الواقعة الكبرى .
كانت أمي تفترش الأرض وتنيم أخي الرضيع إلى جانبها . وكان المسكين يرضع ماء ممزوجا بالسكر .
و النّمل يعشق السّكر .
لم ينتبه أحد إلى الأمر فالجميع نيام وفجأة سُمع لأخي صرخة واحدة وخفت بعدها صوته، فتزاحم الجميع يستطلعون الأمر بين مبسمل ومستغفر .
وإذ بأخي قد استحال لونه أسود بعد أن غطاه النّمل.
سارعت خالتي إلى وضعه تحت حنيفة الماء، بينما طفرت الدموع من عيني أمي التي عجزت عن الكلام .
فقد كانت تحت وقع الصدمة، ولم تنتبه إلا حين استحثها جدي ليسارعوا بأخي نحو المستشفى.
أما أنا جلست القرفصاء في ركن البيت أنتحب، فكلّ نملاتي متن غرقا وأخي شارف على الموت .
خذلني النّمل الأسود العربي بعد الذي قدّمته له من رعاية وعون .
وها أنا اليوم لا أتعاطى مع النّمل فهو لا يحفظ لي عهدا ولا يعترف بجميل.
إرسال تعليق
سياسة التعليقات على موقع الثقافية التونسية.
1. يرجى الالتزام بالتعليق على الخبر أو التقرير أو المقال نفسه ، والابتعاد عن كتابة تعليقات بعيدة عن موضوع الخبر أو التقرير أو المقال.
2.يرجى الامتناع نهائيا عن كتابة أي عبارات مسيئة أو مهينة أو أي كلمات تخدش الحياء أو تحمل سبا وقذفا في أي شخص أو جهة أو تحوي معان مسيئة دينيا أو طائفيا أو عنصريا