بقلم الدكتور الطيب اليوسفي*
أي حوار وطني يتم تنظيمه ولا ينفذ إلى أصل الداء وإلى الخطايا قبل الأخطاء سيكون بمثابة الحرث في البحر ومصارعة طواحين الهواء
فاصل الداء وأكبر الخطايا هو النظام السياسي الهجين القائم وما افرزه من منظومة حكم متتافرة ومتناحرة وعدم إستقرار إلى جانب القانون الإنتخابي الذي لا يمكن في وضعه الحالي إلا أن يفرز فسيفساء متناثرة صلب البرلمان ولا يتيح تشكيل أغلبية تتولى الحكم وتحمل مسؤولياتها وتبعاتها ، وذلك فضلا عما يشوب القانون الانتخابي من ثغرات واخلالات تتيح لأصحاب السوابق والكناترية والمهربين وغيرهم التواجد في مجلس النواب
كما أنه أصبح من الاهمية بمكان مراجعة المراسيم المتعلقة بالأحزاب والجمعيات وغيرها لما تفتحه في صيغتها الحالية من أبواب للشبهات والتمويلات المشبوهة والمال الفاسد وإقامة دكاكين للتلاعب والتحيل والابتزاز
وبالتالي فإنه لا معنى لحوار وطني إن لم يرسم خارطة طريق ملزمة لمعالجة هذه المعضلات ولتصحيح المسار وتفادي الانهيار
ولا مناص من الإدراك بأن الأزمة السياسية هي أم الأزمات وأنه لا مجال للتفرغ التام للتصدي للقضايا الاقتصادية والاجتماعية دون حل الأزمة السياسية
كما أنه لا جدوى من حوار وطني اذا لم يؤسس لتمش يحصن مؤسسات الدولة من الاختراقات والتجاذبات ويناى بها عن الصراعات الحزبية وعن الولاءات لأصحاب المصالح
ومن اوكد المهام المطروحة على حوار وطني في هذا الظرف بالذات تكريس منطق الدولة الواحدة الموحدة العادلة والقوية لا ارخبيلا من الدويلات داخل الدولة كما هو الحال ذات الأجندات المشبوهة
إن حوار وطنيا لا يعالج المعضلات والاشكاليات الحارقة سابقة الذكر هو مضيعة للوقت وتعميق للأزمات وما تستبطنه من مخاطر وويلات في وقت يتطلب الإنقاذ لا الاكتفاء بالمسكنات
--------------------------------------------------------------------------------------
* كاتب وصحفي ووزير سابق لذى رئيس الحكومة في خطة مدير ديوان
إرسال تعليق
سياسة التعليقات على موقع الثقافية التونسية.
1. يرجى الالتزام بالتعليق على الخبر أو التقرير أو المقال نفسه ، والابتعاد عن كتابة تعليقات بعيدة عن موضوع الخبر أو التقرير أو المقال.
2.يرجى الامتناع نهائيا عن كتابة أي عبارات مسيئة أو مهينة أو أي كلمات تخدش الحياء أو تحمل سبا وقذفا في أي شخص أو جهة أو تحوي معان مسيئة دينيا أو طائفيا أو عنصريا