محمّد حسين فنطر
لبست هذه السيّدة، آلهة كانت أو امرأة من بنات حواء ، بدلة ضيّقة تحكي المشدّ وضمّت إلى صدرها دفّا وكأنّها تتهيأ للعزف أو توقّفت عنه.
شعرها كثيف صفّف هدبًا، وسبائب تتدلّى على جنبيها، ونصّ على رأسها اكليل مرصّع توشّيه ورود زرقاء ثمانية القعالات.
ومن فرعها ثلاث حجن تدلّت خلف الأذنين مسدولة على العنق ثمّ تباعدت لتلامس النهدين.
وازدانت المرأة بالأصباغ فروّقت عينيها اللوزيتين بالكحل فبدت شكلاء، دعجاء، ورسمت على جبهتها والوجنتين أقراصا من القرمز طبقا لقواعد التجميل والزينة عند الفينيقيين والقرطاجيين خلال القرن السادس ق.م.
وخضّبت شفتيها بالقرمز لتزيدهما اغراء وفتنة وزجّجت حاجبيها حتّى كأنهما خيطان أسودان،
وازدان جيدها بعقود ثلاثة مجاولها حمراء، زرقاء.
وتغريك اليد ببرقة الأصابع وبأسورة في المعصم تشدّ البصر وتعلن الأنوثة والبضاضة.
أمّا فستانها، فهو شاهد على وجود مهارات فينيقية بونية في النسج والتطريز. وزهت ألوانه متتابعة من أبيض يقق وأزرق صاف وأسود قاتم وأحمر قان وتنزّلت فيه خطوط ومثلثات وورود.
ومن خصرها يتدلّى حزام طويل عريض زادته الأهداب جمالا وأناقة كلّها توق إلى ملاطفة القدمين العاريين.
تعود هذه الدمية القرطاجية إلى القرن السادس ق.م. ومازالت ألوانها واضحة زاهية.
وبعد إقامة طويلة بمتحف باردو تحوّلت هذه الرائعة إلى مسقط رأسها، وأخذت مكانها في متحف قرطاج لتمدّ الزائرين والدارسين بما يفيدهم حول المرأة القرطاجية وزينتها من حلل وجواهر كما تساعدهم على معرفة ذوقها وألوانها المفضّلة.
إرسال تعليق
سياسة التعليقات على موقع الثقافية التونسية.
1. يرجى الالتزام بالتعليق على الخبر أو التقرير أو المقال نفسه ، والابتعاد عن كتابة تعليقات بعيدة عن موضوع الخبر أو التقرير أو المقال.
2.يرجى الامتناع نهائيا عن كتابة أي عبارات مسيئة أو مهينة أو أي كلمات تخدش الحياء أو تحمل سبا وقذفا في أي شخص أو جهة أو تحوي معان مسيئة دينيا أو طائفيا أو عنصريا