لم يكن لدينا جهاز تلفزة في اواخر الستينات بل كان لدينا جهاز راديو فيليبس جلبه الوالد رحمه الله من ليبيا عندما ذهب للعمل هناك واذكر انه لما عاد بعد غيبة تواصلت زهاء الثلاثة اشهر عاد لنا بجهاز الراديو هذا من نوع فيليبس ومسجلة صغيرة الحجم خصني بها دون افراد العائلة لانني في تلم الفترة بدات اراسل الاذاعات واختلي بنفسي في ساعات القيلولة واحاول ان اعد واقدم برامج اذاعية كالتي كنت اسمعها في الاذاعات كما عاذ لي بساعة جميلة من نوع هيرما دوليكس بقيت معي الى سنوات قليلة مضت ولا ادري كيف ضاعت منى. المهم ان جهاز الراديو هذا كان جهازا عجيبا فقد كنت لا اتركه للعائلة الا لماما واغلب الوقت يكون معي وانا اتنقل من اذاعة الى اذاعة استمع الى البرامج والاخبار ..حتى ان الوالد رحمه الله بدا يقلق فهو لا يريدني ان اعطي كل وقتي للراديو رغم ان الوقت كان صيفا وكنا في عطلة ولكن الوالد كان يريدني ان اقوم ايضا ببعض الاعمال المنزلية . وان اسجل في حضيرة الشغل الموسمي ..كان الوالد يدرك شغفي بالاستماع الى البرامج الاذاعية فكان لا يقسو علي كثيرا خصوصا عندما يراني اشارك في حوارات مع الكبار عادة ما تكون في احد دكاكين القرية ويستمع الى ثناء الحاضرين على تدخلاتي.. وكانوا يقولون لقد اكتسب كل هذه الثقافة من الراديو..فكان ذلك يشعره بالاعتزاز.اما عندما ياتي شهر رمضانفان الراديو يتحول الى وسيلة الترفيه الجماعية..وكان يشدني صوت عادل يوسف في تحية الغروب والفقرات المتمييزة التي يؤثث بها البرنامج حتى اذا ما حان موعد الافطار و يكون كل افراد العائلة وعائلتنا كانت كبيرة العدد قبل ان يتوفى الكثير منهم الله .قد تجمعوا استعدادا لللاعلان عن اذان المغرب بعد ان يرفع في الاذاعة باربع او خمس دقائق حتى يخيم السكون على المنزل بعد ان يعلن عادل يوسف بصوته العذب عن بدء اذاعة الحلقة الجديدة من مسلسل شناب.. كان هذا المسلسل الاذاعي يشد اهتمام الناس في القرى والبوادي.. فشناب شخصية شعبية لا تفلح ولا تنجح في اي عمل.. وكان الناس معجبين بطرافة شخصية شناب الذي رغم فشله في كل عمل يقصده الا انه يحافظ على كبريائه و اصراره على النجاح.كم كان رائعا ذلك المسلسل الاذاعي والذي تواصل على امتداد ثلاث او اربع سنوات في كل شهر رمضان..
فهل يجد الناس اليوم تلك المتعة التي كانوا يجدونها في المسلسلات الاذاعية.. شخصيا لا اعتقد.. رغم انني من سنوات لم اتابع اي مسلسل اذاعي وبالصدفة استمعت اليوم الى حلقة من مسلسل في الاذاعة الوطنية بعنوان باي الشعب فاعادتني الى هذه الذكربات
كتبه محمود حرشاني
14 رمضان 1441
08 ماي 2020
*مدير الموقع
إرسال تعليق
سياسة التعليقات على موقع الثقافية التونسية.
1. يرجى الالتزام بالتعليق على الخبر أو التقرير أو المقال نفسه ، والابتعاد عن كتابة تعليقات بعيدة عن موضوع الخبر أو التقرير أو المقال.
2.يرجى الامتناع نهائيا عن كتابة أي عبارات مسيئة أو مهينة أو أي كلمات تخدش الحياء أو تحمل سبا وقذفا في أي شخص أو جهة أو تحوي معان مسيئة دينيا أو طائفيا أو عنصريا