مقال رئيس التحرير // الشعب لاياكل خطبا عندما يجوع بقلم محمود حرشاني

 الشعب لا ياكل   خطبا عندما يجوع

بقلم محمود حرشاني

رسخت بذاكرتي قوله لزعيم سوفياتي لم اعد التذكر اسمه تقول التفكير في بناء اقتصاد سليم للامم يجب ان يسبق التفكير في ماعداه من المسائل الاخرى بما في ذلك المسائل السياسيه.
وعندما ينهار اقتصاد دولة ما ينهار معه كل شي بما في ذلك السياسه.
واول من وعى في تونس هذه الحقيقه هو المرحوم الهادي نويره القادم الى الوزاره الاولى في بداية السبعينات من البنك المركزي مكتسبا خيرة طويله في المجالين المالي والاقتصادي ساعدته على وضع برنامج اقتصادى على انقاذ ازمات اقتصاديه صعبه عاشتها تونس في عشريه الستينات كان من ابرزها المخلفات الكارثيه لنظام التعاضد الذي انتهى بتحميل الوزير السابق احمد بن صالح مهندس التعاضد مسؤوليه فشل البرنامج. اختار المرحوم الهادي نويره اعطاء الاولويه لكل ما من شانه ان يساعد على تنمية اقتصاد البلاد والتركيز على الاصلاحات الاقتصاديه والجبائية واحداث قانون افريل 72 لجلب الاستثمارات الخارجيه لتوفير الشغل لليد العامله التونسية داخل ارض الوطن ورغم ما اعترى فترة توليه مهام الوزاره الاولى من صعوبات وهزات اجتماعيه ونقابيه كان ابرزها الخميس الاسود عندما احتد الصراع بينه وبين الزعيم النقابي الكبير الحبيب عاشور.فان الهادي نويره بحنكته الظويله في المجال المالي والاقتصادي استطاع ان يجنب الاقتصاد الوطني العديد من الويلات وان تحافظ تونس على نسب نمو محترمه وتتجنب الاقتراض الخارجي الى حد بعيد
ولان الشعوب عندما تجوع لا تاكل الخطب السياسيه المنمقه فان خيار الاقتصاد الذي يجب ان يسبق السياسه هو خيار لا يفقد قيمته بمرور الزمن بل ان ما تمر به الشعوب من ازمات يزيد هذه الحقيقه تاكيدا..فقضايا الشعوب وازماتها وندره المواد الغذائية من الاسواق وتدني القدره الشرائيه للمواطنين والتهاب الاسعار قضايا لا تحل بالخطب السياسيه مهما كانت منمقه ورنانه وانما باصلاحات وبرامج على ارض الواقع تقي المواطن الحاجة والفاقه .
لقد كانت فتره تولي المرحوم محمد مزالي مهام الوزاره الاولى فتره تم فيها تغليب كل ماهو سياسي على ما هو اقتصادي ولم تفلح براعة الاستاذ محمد مزالي وتمكنه من ادوات الخطابه من حمايته من غضب الشعب عندما مس في قوته وغذائه لان الشعب لا ياكل خطبا رنانه عندما يجوع بل ياكل خبزا
كتبه محمود حرشاغني
14 اكتوبر 2022