ذاكرة الايام // حلقات يكتبها محمود الحرشاني //كدت ادخل السجن بسبب تحقيق تلفزي ذاكرة الايام // حلقات يكتبها محمود الحرشاني //كدت ادخل السجن بسبب تحقيق تلفزي

ذاكرة الايام // حلقات يكتبها محمود الحرشاني //كدت ادخل السجن بسبب تحقيق تلفزي

 حياتي في الصحافة...من الهواية إلى الاحتراف...

كدت أدخل السجن بسبب تحقيق تلفزي



بقلم: محمود الحرشاني

لم تخلو سيرتي في الصحافة من صعوبات، ولم تكن مفروشة بالورد كما تخيل البعض، بل إعترضتني في طريقي الكثير من الأشواك والصعوبات، التي تغلبت عليها بالصبر... وفي كثير من الأحيان كنت عرضة لكي أتحمل وزر غضب الناس على الإعلام، الرسمي ... باعتباري امثل الإذاعة والتلفزة خاصة. وكدت في إحدى المرات أن ادخل السجن بسبب تحقيق تلفزي أنجزته حول العودة المدرسية... وعندما اذكر الحادثة اليوم، فلا أسعى من خلالها إلى نيل بطولة، وإنما من باب سرد الوقائع وتداعي الذكريات... فقد كان من بين المواطنين الذين استجوبتهم وأخذت رأيهم حول استعدادات العائلات للعودة المدرسية، وما يتطلبه ذلك من نفقات مادية تثقل كاهل الأسر التونسية، احد المواطنين الذين ينتمون إلى حركة النهضة المحضورة في ذلك الوقت...ولم أكن أعرف اتجاهه في الحقيقة، وإنما أنا سألته عن رأيه كمواطن ورب أسرة تهمه العودة المدرسية. وبث التحقيق التلفزي وبينه كلام هذا المواطن... وإذا بالدنيا قامت ولم تقعد، بعد أن وجه احد أولاد الحلال معلومة أمنية، اتهمني فيها بأنني استضيف الخوانجية في التلفزة... وبعد بث التحقيق التلفزي بيوم اتصل بي الوالي السيد محمد الغرياني ليعلمني بان وزير الداخلية وصلته المعلومة.

وأنني متهم باستضافة الخوانجية أو جماعة النهضة في التلفزة، فشرحت له الأمر وأعلمته بأني لم أكن اعلم بالاتجاه السياسي لهذا المواطن... كما أنني لست مطالبا بأن اطلب من كل مواطن استجوبته بطاقة عدد 2 حول اتجاهه السياسي...وقال لي الوالي وقتها بان وزير الداخلية غاضب جدا. فقلت له سأتصل به واشرح له الموقف، لان وزير الداخلية في ذلك الوقت كان السيد محمد رجب وهو وال سابق على سيدي بوزيد وعملت معه لمدة تقارب ستة سنوات. وهو صديقي...وبالفعل اتصلت به وشرحت له الموقف. ومع ذلك لم اسلم،   فقد تم ايقافي عن العمل كمراسل جهوي للإذاعة والتلفزة لمدة شهرين من قبل الإدارة العامة للمؤسسة...

أما المناسبة الثانية فقد تعلقت بتغطية أشغال ندوة فكرية بمعتمدية المكناسي كانت تنظمها جمعية الملتقيات العلمية، وكان محور الندوة في تلك السنة المقاومة الشعبية في بلدان المغرب العربي... واتصل بي رئيس الجمعية وطلب التغطية التلفزية للندوة. فأعلمت الوالي بالموضوع وتم توجيه طلب فريق التصوير التلفزي لمواكبة الندوة، ويبدو أن البعض توجس خيفة من الندوة، فاعلم الوالي بان الندوة تستهدف إحياء البعد العروشي في منطقة حساسة كالمكناسي. وهم في الحقيقة كانوا يريدون إفشال الندوة.  فطلب من الوالي وقتها إلغاء التغطية التلفزية والصحفية. وحاولت أن أقنعه بان ما يهمنا هو البعد الثقافي في الندوة... ولكنه أصر على موقفه. فرفضت بدوري الانصياع للأمر ومن الغد كنت في المكناسي وغطيت أشغال الندوة. فما كان من الوالي وقتها إلا أن طالب بإعفائي كما أعفى مندوب الثقافة من مهامه لأنه لم يمتثل هو الاخر للأمر بعدم تقديم الدعم للندوة، واتصل بي السيد عبد الحفيظ الهرقال  المدير العام للإذاعة والتلفزة في ذلك الوقت، بعد أن طلب منه الوالي رسميا إعفائي، فشرحت له الأمر. وقلت له أن الأمر يتعلق بخلافات شخصية في ما بين أبناء المنطقة، وأراد بعضهم إفشال الندوة وعدم إبرازها تلفزيا كحدث مهم يحسب لرئيس الجمعية، والإعلام لا يجب أن يكون طرفا في هذا الصراع، خصوصا وان محور الندوة مهم ويتنزل في إطار البعد المغربي، وتونس كانت سنتها ترأس اتحاد المغرب العربي... فما كان من السيد عبد الحفيظ الهرقال،  وهذا موقف اذكره للتاريخ، إلا أن رمى بكلام الوالي عرض الحائط...وقال لي وقتها أنت قمت بعملك المطلوب منك، والإذاعة والتلفزة لن تتخلى عنك... ويبدو ان الوالي اغتاظ كثيرا لان المدير العام للإذاعة والتلفزة لم يأخذ برأيه ولم يعزلني فاتخذ هو قرار بعدم التعامل معي أو دعوتي إلى أي نشاط طيلة المدة التي بقي هو فيها واليا على سيدي بوزيد.

و كنت ذات مرة في الكويت ، احضر ندوة ثقافية عربية، و كنت مدعوا لها بصفتي كاتبا و مديرا لمجلة مرآة الوسط... و لكن رأيت أن موضوع الندوة مهم جدا، و لم تكن التلفزة التونسية حاضرة. و باعتباري انتمي عضويا إلى هذه المؤسسة أخذت المبادرة، و طلبت من مصور التلفزيون الليبي و كان حاضرا في الندوة أن يصور لي بعض الحوارات التي سأجريها مع الضيوف المشاركين فاستجاب مشكورا و أجريت مجموعة من الاستجوابات إلى جانب تصوير لقطات من الندوة. 

و عندما عدت إلى تونس، قدمته إلى إدارة الأخبار بالتلفزة، و كنت اعتقد أنهم سيفرحون بهذا العمل ... و لكن الذي حصل هو أن اتصل بي مدير الأخبار رشيد المبروك بعد يومين أو ثلاثة، وعوض أن يقول لي شكرا على المجهود الذي قمت به، قال لي، من كلفك للقيام بهذا العمل؟ و هل استأذنتنا سابقا؟ و اعتقد من خلال اللهجة التي كان يخاطبني بها في الهاتف، أنني لو كنت  جالسا أمامه لرماني بطفاية السجائر لأنني اجتهدت و أخذت مبادرة حتى تكون التلفزة التونسية حاضرة في ندوة ثقافية عربية حضرتها تقريبا اغلب التلفزات العربية و غابت عنها التلفزة التونسة.

للتفاعل مع هذه الحلقة، الهاتف: 98417729


التعليقات

سياسة التعليقات على موقع الثقافية التونسية.
1. يرجى الالتزام بالتعليق على الخبر أو التقرير أو المقال نفسه ، والابتعاد عن كتابة تعليقات بعيدة عن موضوع الخبر أو التقرير أو المقال.
2.يرجى الامتناع نهائيا عن كتابة أي عبارات مسيئة أو مهينة أو أي كلمات تخدش الحياء أو تحمل سبا وقذفا في أي شخص أو جهة أو تحوي معان مسيئة دينيا أو طائفيا أو عنصريا

أحدث أقدم

إعلانات

إعلانات