علم السياسية .. بين النظرية و التطبيق
بقلم ياسين فرحاتي - كاتب من تونس
يعرف جيمس علم السياسة بأنه علم الدولة و علم العلاقات بين الأفراد و الحكومة و كذلك علم الفكر السياسي.
و يقول عالم الإجتماع الألماني ماكس فيبر في تعريفه للدولة من خلال مؤلفه الشهير " العالم و السياسي " في معرض حديثه عن مسار تركز القوة كمصدر لنشأة الدولة العصرية بالقول : " إن الدولة العصرية هي تجمع له سلطة الإخضاع بطابع مؤسساتي قد بحث و نجح في ذلك، من أجل إحتكار، في إطار حدود الإقليم، العنف الشرعي كوسيلة للإذعان، و من أجل هذا الهدف، قام بتجميع وسائل التسيير بين أيدي المدراء ( 100، ص 119) عن ترجمة بتصرف للكاتب.
و تعتبر الدولة " نظاما مركبا " تضم أو تتكون من مجموعة من المدن و المؤسسات وهي نفسها منظومات ديناميكية غير خطية و تعد في الوقت الحاضر، كواحد من أشهر النظريات العلمية السايدة و تشترك فيها العلوم الصحيحة كالرياضيات و الفيزياء و العلوم الإخوة على غرار العلوم الإجتماعية و الإنسانية.
و توجد خمس نظريات التي قد تساعدنا في فهم أبعاد هذا الملف الشايك و الذي يبدو كثير التناول و التدارس نظرا لاأهميته منذ قديم الزمان، منذ عهد فلاسفة الإغريق و مع فلاسفة عصر التنوير و إلى يومنا هذا طالما وجد حاكم و محكوم و هو يعتبر دليلا على نوع من الوعي الجمعي أو صحوة الضمير لدى الباحث و القاريء العربي و هي :
- نظرية الإختيار العقلاني؛
- الفردانية الميتودولوجية و holisme؛
- التحليل النظيمي؛
- نظرية الألعاب.
يوجد في مجال علم السياسة، صنفان من الفاعلين :
السياسيون المنظرون ومنهم علماء السياسة و أساتذة الفلسفة السياسية بإعتبار أن الديمقراطية جوهر السياسة هي بنت الفلسفة و السياسيين العمليون الذين يمارسون السلطة و الحكم صلب الأحزاب. إذ ليس الحكام من ملوك أو رؤساء أو وزراء هم بالضرورة خريجوا معاهد و مدارس العلوم السياسية بل إن العديد منهم قد جاؤوا إلى دواليب الحكم بمحض الصدفة. و يعد إختصاص القانون و مهنة المحاماة الأقرب إلى الفعل السياسي. و يعد أساتذة الإقتصاد الأجدر للعب أدوار المستشارين للحكام و أيضا كرؤساء حكومات. و لهذه الوظيفة قيمتها في أنظمة الحكم الغربية خصوصا فعلى سبيل المثال، بعيد الإعلان عن فوز الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعهدة رياسية ثانية ليصبح ثاني رييس فرنسي ينتخب لفترة 5 سنوات أخرى، بعد الرئيس الأسبق الراحل جاك شيراك و أصغر رييس للجمهورية تكفل 14 مستشارا بكتابة خطاب الإحتفال بفوزه على زعيمة اليمين المتطرف ماري لوبان ( عبر الإستماع للإذاعة الوطنية التونسية ). بينما عندنا في تونس، على الأقل حاليا لا نعرف إلا الشيء القليل عن مستشاري الرئيس قيس سعيد و لا نكاد نسمع لهم صوتا أو أثرا ملموسا و هو ما يتجلى كثيرا في النقد المتواصل لسياسة حاكم قصر قرطاج، حيث نفتقد الحكمة السياسية فلماذا تغيب بومة مينرفا عن بعض سياسيينا ؟!
إن سمة الله في خلقه التغير و عدم الثبات: فالدولة قوامها الفرد و هو كما سماه أحد علماء الإجتماع في الغرب ب" ذرة المجتمع ". و قديما قال أرسطو بأن " الدولة مضخم للإنسان " و مقدار تفاعل الأفراد كمواطنين داخل حدود الإقليم هو محدد لشكل الدولة مع ضرورة الأخذ بالعوامل الخارجية المحيطة بها.
يقول الدكتور محمد فايز عبد أعيد مؤلف كتاب " قضايا علم السياسة العام " المنشور عام 1982: " إن النهضة التي يصبو إليها كل مثقف مؤمن بدينه و بحق أمته و وطنه هي أن تكون نهضة حضارية شاملة، لا تقتصر على ناحية من نواحي الحياة الحديثة فحسب و إنما تمتد إلى جوانبها الفكرية و الفنية و الإبداعية. إن أزمة الوطن العربي تتمثل في كونها أزمة سلوك حضاري ". و إذا كانت هذه الأزمة قد أصبحت تشكل خطرا على مستقبل الأمة، فإن طرح جوانبها بشكل علمي أصبح أمرا ملحا بل ضروريا جدا، في عالم شديد التغير و الاضطراب و الغموض و إنعدام التوازن.
و يقول الفيلسوف التونسي فتحي التريكي في كتابه " أفلاطون و الديالكتيكية " ضمن المظهر الثاني للديالكتيكية: المعرفة ( ص 59 ) : " أن العالم في صيرورة دايمة، و أن الإنسان أيضا تحول مستمر " وهو في صلب نظرية الديالكتيك. التي تقوم كما هو معلوم على ثلاثة مبادىء منطقية. و يتدخل نيتشه ليدلو بدلوه ليؤكد أننا لا نستطيع معرفة الكون بما أن معرفتنا نسبية حسب بروتاغوراس زعيم السفسطايين، وجب علينا أن ننغمس في الواقع، و نحلل مشاكله و نحاول إيجاد الحلول الكافية له.
إن مشكلتنا كعرب و مسلمين و كمجتمع تونسي هي بالأساس في إعتقادي معرفية إبستيمولوجية تتعلق بصعوبة فهم مجريات الأحداث و تطور الأفكار وفق مسار زمني متصل بواقع جغرافي معين. ذلك أن الحياة ملاحظة و تجريب، و تقوم أيضا على ضرورة إستيعاب و إدراك علاقتنا بعامل الزمن. هذا الأخير الذي يشكل لغزا في حد ذاته حسب نظرية ميكانيكا الكم ( إقتباس عن مجلة العلم و الحياة الفرنسية ) و يستحيل الإمساك به، فهو كالسراب رغم أنه مقدار فيزيائي قابل للقيس. فالنسبية( نظرية ألبرت أينشتاين) تفترض تفكيرا ضمن إطار رباعي الأبعاد ( ثلاثة أبعاد للمكان و بعد رابع للزمن : المكان باق بينما الزمان يمر بسرعة و لا يعود إلى الوراء حسب نظرية التيرموديناميكا على عكس ما يراه نيوتن و أينشتاين نفسه ). إن الزمن لا يقدر بثمن في ميزان الربح و الخسارة لأمة تعيش على وقع الخيبات و النكسات على أقل تقدير منذ إحتلال أرض فلسطين المقدسة و تأسيس الكيان الصهيوني الغاصب هذا طبعا إلى جانب تبعية غالبية الدول العربية سياسيا و إقتصاديا و ثقافيا إلى الغرب.
يؤكد أفلاطون في مقالته أن " المعرفة الصحيحة و العلمية لا يمكن أن يكون موضوعها المحسوسات المتغيرة و المتعددة. فبداية العلم تكمن في الانفصال عن هذا العالم المتغير و التأمل في عالم العدد و عالم المثل، أي في عالم المقولات.
فالدرجة الثالثة للمعرفة ( الفكر الرياضي ) هي بداية العلم و المعرفة الحقيقية. فالعلم الأول الذي نستطيع أن نطلق عليه إسم الحكمة و الذي يقود الإنسان إلى الصلاح هو الحساب ( 101 ) أي الفكر الرياضي. و عالم الرياضيات هو عبارة عن مجمع حقائق لا تؤمها الصيرورة و لا يعكر صفوها التغيرات " . و يواصل الحث على إيلاء هذا العلم المكانة اللايقة بالقول : " من يملك الرياضيات، يقطع مرحلة شاسعة في سبيل البصر بالحقيقة نحو الفلسفة. فالفيلسوف هو العالم الحقيقي الذي يتجاوز الرياضي و المهندس ( 107 ). و هذه هي درجة الديالكتيك أو درجة العقل كما يقول أحمد فؤاد الأهواني. ذلك أن الديالكتيك هي توفيق بين المتناقضات داخل نسق واحد و قد قال العلامة عبد الرحمان بن خلدون أنه " كان يلعب على حبال المتناقضات " لأن مرادي و مقصدي الأساسي من إستدعاء مجال الرياضيات للتأكيد على دورها الريادي على فهم الظواهر السياسية كالإنتخابات و إستطلاعات الرأي العام.
إن السياسة أو فن إدارة شؤون الدولة هي فيزياء إجتماعية تحكمها قوانين رياضية غايتها تحقيق التوازن من أجل البقاء و المحافظة عليه.
إنه إذا ما نظرنا إلى الدولة ككاين حي، وجب علينا قراءتها إعتمادا على علم البيولوجيا و للنظرية العامة للنسق لفون برتا لنفي Von Bertalanffy أهمية قصوى لفهم التغيرات التي تطرأ عليها و معرفة أسباب القوة و الضعف لذلك الجسد أو الكيان. و ثم محاولة تقديم العلاج. فالدولة كمنظومة ديناميكية سلامتها مرتبطة بكل تأكيد بسلامة مكوناتها وهم المواطنون و كذلك المؤسسات الإقتصادية و الثقافية و غيرها و كل ما يطرأ على مواطنيها، يؤثر حتما سواء بالقلب أم بالإيجاب.
بعض هذه المقاربات و القراءات و الإستعارات و محاولات النمذجة، تفيدنا علما عن مدى تقارب و تداخل العلوم في ضوء نظرية التركيب لإدغار موران و ضرورة أن تكون الدولة أو الأمة مبحثا مشتركا تنتفي فيه الحسابات الفردية و الضيقة و الأنانية لتحل محلها الدراسة الشاملة holistique et systémique التي تتطلب إلقاء أكثر من كفاءة علمية و معرفية المجسدة لوحدة المصير. إننا بصراحة، في حاجة أكيدة إلى عقل موحد، عقل كوني أو كما قال سقراط : " إن العقل هو الذي ينظم كل شيء فيكون العلة الشاملة ". تلك العلة إذا ما عرفت زال العجب كما يقال و أغلب الظن أن علة العلل معلومة عندنا نحن العرب عقب تحقيق إستقلاننا الجزءي أن كل بنائنا السياسي كانت مقدماته كلها خاطية و نحن لا نحكم على النوايا و لكن على النتايج و الأفعال ففيلسوفنا الكبير إبن خلدون عندما عرف السياسة قال عنها : " هي صناعة الخير العام. و رجح خيرها عل شرها. فوصف الإنسان من حيث هو إنسان بأنه إلى الخير و خلاله أقرب. و الملك و السياسة إنما كانا له من حيث هو إنسان لأنها خاصة للإنسان لا للحيوان. فإذن خلال الخير فيه هي التي تناسب السياسة و الملك، إذ الخير هو المناسب للسياسة ". و لكن بمجرد التأمل في هذا القول الفريد، نجد و أن الإنسان العربي أي المواطن أكان مثقفا أم من عامة الشعب يعامل معاملة الحيوان حيث لا كرامة و لا حقوق له. و قد يضطر إلى الإنتحار و لكم إنتشرت هذه الظاهرة بعد حرق البوعزيزي رحمه الله لنفسه أو أن تكون من نتايج الحيف أو الظلم المسلط عليه أن يدخل مستشفى الأمراض العقلية.
ما نراه رأي العين هو بدل أن" يرتفع السياسي بالسياسة من مستوى " الفن الدجال " إلى الفن الخلاق العبقري. ذلك أن السياسي بمفهومه الرايع هو الذي تقترب السياسة على يده أقرب ما تقترب إلى العلم ".
و رغم تعدد التعريفات السياسية، أجد تعريفا للعلامة ماكبرايد مفادها بأنها " عمل قذر " و أن السياسي هو " جامع نفايات ". و هي عند بعضهم ذلك " المخلوق الفني " القادر أيضا على صنع أشياء قد لا تخطر للشيطان ببال مما يبدو بكثيرين إلى وصف رجل السياسة بالمواد و المفكر و المقامر. و لكن رغم كل ما سبق ذكره بشأنها، فإنه لا فكاك منها، فهي ميدان لاختبار قدرات قادة الأحزاب و غيرهم ممن يسمون الآن بالمستقلين من بعض النخب المثقفة في الخطابة و الإقناع و إستمالة الرأي العام.
من أجمل ما قال نابليون عن السياسة : " السياسة قدرنا " و هي قدرنا بالفعل : شينا أم أبينا و علينا أن نتعامل معها من هذا المنطلق ( مقتطف من كتاب قضايا علم السياسة العام، الدكتور محمد فايز عبد السعيد، ص.11 ).
قد يتعجب المرء أحيانا من حجم الخراب و العنف و الدمار و الدماء التي سألت من جراء غباء و حمق عديد السياسيين الذين يدعي الكثير منهم بتميزه بالذكاء و الدهاء و المكر، بينما يرى العلامة جورج كاتلين أنه لا بد من دراسة المجتمعات الحيوانية مثل النمل جديدة بأن تزودنا بمعلومات عن مذهب الإنسان المتميز بعقله و حدسه أقل تنظيم من النمل الذي تتحكم فيه الغريزة لا غير.
إن السياسة تحتاج إلى عقل مركب كعلم في إعتقادي، و إلى عبقرية من حيث هي فن و لنا في دروس السير ونستون تشرشل ما يفيدنا كثيرا، حيث قال : " إن القدرة السياسية تكمن في القدرة على التنبؤ بما سيحدث غدا، و الأسبوع المقبل، و الشهر المقبل و العام المقبل. و هي أيضا القدرة بعد ذلك على شرح سبب عدم حدوث ذلك ". معنى ذلك أن السياسي الكبير هو رجل إستشراف و هو مبدع في مجال عمله. ذلك أنه من الضروري أن ندرك أن هذا العلم يحتل مكانا وسطا بين الإنسانية و الطبيعيات. و هو ما يجب أن تعمل تكريسه الحكومات العربية و حكومتنا بقيادة نجلاء بودن و خصوصا رياسة الجمهورية بقيادة قيس سعيد. ما نراه على أرض الواقع، أن منظري السياسة و جهابذتها مغيبون تماما و أن المشتغلين بها و من تولوا المناصب الوزارية منذ حكومات زين العابدين بن علي و إلى الآن جلهم من أهل القانون و هو يعيبه مؤسس تونس للفلسفة البروفيسور فتحي التريكي. ذلك أن الرئيس مطالب بأن يخلق توازنا و ديناميكية فكرية عبر التنوع و الإختلاف داخل الوحدة. و ليكن في علم الرئيس الحالي أن مهمته عسيرة جدا و يقف اليوم في وجهه خصوم كثر في الداخل و الخارج من جماعة المنظومة السابقة التي وقع قلب الطاولة عليها و هم ينشطون اليوم كثيرا و يشكلون جبهة للإنقاذ من أبرز قيادييها المحامي أحمد نجيب الشابي هذا إلى جانب تحرك منظمات للمجتمع المدني بعد مرسوم متعلق بالهيئة العليا المستقلة للإنتخابات و بقانون الجمعيات. الأمر الذي سارعت بإنتقاده مؤسسات الإتحاد الأوروبي و ينتظر مواقف لدول أخرى كبرى نافذة و فاعلة.
شخصيا أرى أن من جملة مهام السياسي الناجح و المجتهد هي خلق المواطن الصالح و الواعي و ضرورة إعادة الأمل و الطمأنينة إلى نفوس تتوق منذ سنوات لا بل عقود عديدة إلى العيش الكريم عبر تجسيد ما يقوله و تحويله إلى أفعال فأين نحن من شعار الرئيس " الشعب يريد " ؟! و أين الوعود بتحقيق غد أفضل للتونسيين و إن كنت مدركا تمام الإدراك أنه لا يملك عصا سحرية و لكن أي مكانة يحتلها الشباب المعطل عن العمل و المهمش و الذي تم خداعه من كل برامج و مشاريع الرئيس؟! لأنهم دعامة المجتمع و طاقته المتجددة صارت طاقة مهدورة و ضايعة تخلت عنها دولتنا و يا أسفاه!
نصيحتي مجددا و أكررها مرة أخرى للأستاذ قيس سعيد هو أن يعيد هيكلة فريقه من المستشارين داخل القصر ، بحيث أن يضخ فيه طاقات جديدة مكونة أساسا من رجل متميز في الإقتصاد و إدارة الأزمات، و رجل علم إجتماع، و رجل علم نفس لما لا مبدئيا! لأن السياسة تعتمد على معرفة جيدة بأدق التفاصيل و أشدها غموضا و إلتباسا لأحوال الناس و أن يتجنب الإرتجال في الكلام و أن يكون كلامه مدعما بوثايق و حجج ثابتة و دقيقة خصوصا في ما يتعلق بقضايا الفساد و يعجل بتسوية و غلق ملف رجال الأعمال فهم ليسوا فوق القانون و لا فوق الدولة و إلا فإن حكمه سينهار مرحبا قد ينتظر الأسوأ!
و محاولة منه لتبرير و تفسير أفعال الحاكم يقول نيكولا ميكيافيلي وهو سياسي و مؤرخ و مفكر إيطالي إشتهر بكتابه " الأمير" الذي وضع فيه أسس الفكر السياسي العصري الذي يجب أن يتسم بالعقلانية و النجاعة : " .. على الحاكم الذكي المتبصر أن لا يحافظ على وعوده عندما يرى أن هذه المحافظة تؤدي إلى الإضرار بمصالحه و أن الأسباب التي حملته على إعطاء هذا الوعد لم تعد قايمة و لن يعدم الأمير الذي يرغب في إظهار مبررات متلونة للنتكر لوعوده، ذريعة مشروعة لتحقيق هذه الغاية " ( نص مأخوذ من كتاب مدرسي تونسي في مادة التاريخ ).
بالعودة مرة أخرى إلى كتاب " أفلاطون و الديالكتيكية "، حيث يؤكد الكاتب فتحي التريكي على على إرتباط الفلسفة الوثيق بالسياسة عند أفلاطون ذلك الفيلسوف الهجين الذي غرف من هيراقليطيس و سقراط و التعبير للكاتب نفسه، فالنظرية السياسية تجد أساسها في التفكير الكوسمولوجي ( طيماوس) و التفكير التاريخي ( أقريتياس ). فالذي فرض الحديث في الفيزياء إذن هو النظر في السياسة، لكي نستطيع الحديث في المجتمعات الإنسانية يجب أن نفهم كيف تكونت و حدثت ( التاريخ ) و كيف تكون و حدث هذا الكون ( كوسموقونية ) سنتكلم في الفيزياء إذن لإقرار شيء آخر غير الفيزياء أي المدينة الفاضلة. و نظرية الفيزياء كمعرفة تقريبية هي من مهام الظن الصادق لا العقل. و للتذكير بعد أفلاطون سادت فيزياء أرسطو المعلم الأول عند العرب، زهاء ستة عشر قرنا حتى مجيء غاليلي الذي أعطى إنطلاقة حقيقية لهذا العلم العظيم من خلال التجارب.
في خاتمة هذه المقالة، أرى أنه من أخطر أسباب فشل السياسيين العرب في مجملهم هو غياب الصدق و المصداقية في إيفاءهم بوعودهم تجاه شعوبهم هذا علاوة و هذه سمة جل هؤلاء الإستبداد من خلال تكريس النظام الأوليغارشي ( المال و السلطة). أما النواب في البرلمان فالحصانة تمنحهم سلطات شبه مطلقة للعب بالدولة خصوصا إذا كانوا في أحزاب تمثل الأغلبية النيابيةو في ظل غياب نظام ديمقراطي يمنع المحاسبة و يهمش القضاء العادل و يتستر على الفساد و يوجه الإعلام لصالحه. كما لا يفوتني أن أؤكد أن تدهور التعليم و إنعدام الأخلاق هما من نتايج هذا الوهن السياسي و نسأل خشية الحاكم و المحكوم من الله و صحوة ضماير الجميع لأننا مسؤولون على ذلك كله و هذه المسؤولية يوميذ خزي و ندامة.
إرسال تعليق
سياسة التعليقات على موقع الثقافية التونسية.
1. يرجى الالتزام بالتعليق على الخبر أو التقرير أو المقال نفسه ، والابتعاد عن كتابة تعليقات بعيدة عن موضوع الخبر أو التقرير أو المقال.
2.يرجى الامتناع نهائيا عن كتابة أي عبارات مسيئة أو مهينة أو أي كلمات تخدش الحياء أو تحمل سبا وقذفا في أي شخص أو جهة أو تحوي معان مسيئة دينيا أو طائفيا أو عنصريا