الحقائق المنسية في الحرب الأوكرانية د.أحمد القديدي الحقائق المنسية في الحرب الأوكرانية د.أحمد القديدي

الحقائق المنسية في الحرب الأوكرانية د.أحمد القديدي



الحقائق المنسية في الحرب الأوكرانية
 د.أحمد القديدي



قدم وزير خارجية روسيا السيد لافروف أهم درس في العلاقات الدولية يوم الاربعاء  الثالث من 
مارس الجاري حين قال أن الأعضاء القارين في مجلس الأمن وقعوا بيانا في يناير الماضي يلتزمون فيه بدفن الحرب الباردة إلى الأبد و بأن الحدود المكتسبة بعدها هي أمنة و معترف بها و لذلك لا نقبل مغامرة رئيس أوكرانيا بالحصول على السلاح النووي على حدودنا و من جهة أخرى ففي عالم الفكر السياسي قامات عالمية و علمية تعلمت منها و ما زلت أتعلم لأنها لو اتفقت على موقف فإن ذلك الموقف هو الأصح و اليوم أقرأ في بعض المواقع ما تردد عن الداهية الدبلوماسي الأمريكي (هنري كيسنجر) و عن رائد الجرأة السياسية المفكر عالم الألسنيات (ناحوم شومسكي) و عن الفيلسوف الفرنسي المجدد لفلسفة الحضارة (ميشال أونفراي) رأيهم و نتيجة قراءتهم للحرب في أوكرانيا حيث إتفقوا على أن هذه الحرب ما كانت لتندلع لولا أخطاء في التقدير خطيرة و غير مسؤولة من الجانبين : جانب الغرب و الولايات المتحدة و حلف الناتو بمواجهة جانب روسيا بقيادة فلاديمير بوتين. يرى هؤلاء المتأملين بزادهم العلمي الثري أن بايدن و بوتين على وجه الخصوص يجران العالم إلى معاناة حرب "عبثية و زائدة عن اللزوم" و يرون بأن التوازن الجيوستراتيجي القائم منذ سقوط جدار برلين هو الأفضل منذ نهاية الحرب العالمية الثانية و نشأة الحرب الباردة ثم موت نفس هذه الحرب الباردة بتأسيس إتحاد الجمهوريات الروسية بدون 15 جمهورية إختارت شعوبها الإستقلال عن الراعي السوفييتي و إعلان دولها المستقلة و ذات السيادة. إذن يتساءل هؤلاء المفكرين الكبار:"ماذا وقع حتى يختل التوازن الضامن للأمن و السلام الدائمين ؟ و ما الذي اضطر الإدارة الأمريكية إلى اختيار المواجهة عوض المفاوضة و الصدام عوض الكلام و ما الذي اضطر بوتين إلى الإسراع لغزو أوكرانيا عوض الإستمرار في النهج الدبلوماسي ؟ في تقييم هؤلاء الثلاثة و غيرهم كثيرون أن تفاقم الأخطاء من الجانبين أصبح مهددا للسلام العالمي لأن التاريخ أثبت بأن الحربين العالميتين (14-18) و (39-45) بدأتا من شرارات شبيهة بهذه و بأن البشرية دفعت فيهما أكثر من 80 مليون ضحية دون فائدة ترجى سوى فرض هيمنة هذه أو تلك من القوى العظمى! و نذكر أنه على مدى أشهر نفى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التخطيط لغزو أوكرانيا لكنه الآن مزق كل اتفاق سلام وأرسل قواته عبر الحدود إلى المناطق الشمالية والشرقية والجنوبية من أوكرانيا وبينما ترتفع حصيلة القتلى يواجه بوتين اتهامات بأنه يهدد السلام في أوروبا و أن ما يحصل في الأيام القادمة قد يهدد أمن القارة الأوروبية برمتها وتتقدم القوات الروسية حاليا في العاصمة الأوكرانية كييف من عدة اتجاهات بعد أن أمر الزعيم الروسي بالغزو. وقبل لحظات من بدء الغزو ظهر الرئيس بوتين على شاشة التلفزيون معلنا أن روسيا لا تستطيع أن تشعر "بالأمان والتطور" بسبب ما وصفه بالتهديد المستمر من أوكرانيا الحديثة. وفرضت دول غربية عديدة عقوبات اقتصادية قاسية على روسيا خلال الأيام الماضية بسبب غزوها الأراضي الأوكرانية وصممت العقوبات بطريقة تعوق الاقتصاد الروسي وتعاقب الحكومة بسبب قرارها شن الحرب في أوكرانيا و كما نعلم فإن العقوبات هي وسيلة تستخدمها الدول لمعاقبة دول أخرى أو قادة دول أخرى أو سياسيين بسبب قيامهم بخرق ما يعتبرونه القوانين الدولية في محاولة لمنع استمرار ذلك وتكون العقوبات مصممة للإضرار باقتصاد الدولة المستهدفة ومواردها المالية وقادتها السياسيين ويمكن أن تتضمن العقوبات حظر السفر وحظرا على الأسلحة و إخراج روسيا من ألية (سويفت) المالية الدولية لنقل الأموال وهو إجراء أيضا قد يعطل نهائيا تزويد أوروبا بالغاز الروسي أو بالنفط الروسي بسبب وقف تسديد المبالغ المقررة. و من جهة أخرى أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الجيش بوضع القوات النووية الاستراتيجية في حال تأهب خاصة وقال في اجتماع لقادة الدفاع في الكرملين إن الغرب اتخذ إجراءات غير ودية تجاه روسيا و ذكر أن أول من نطق بالتهديد النووي كان وزير خارجية فرنسا ( جون إيف لودريان) منذ أسبوع حين قال "بأن على روسيا عدم تناسي أن حلف الناتو هو حلف ذو قوة نووية رادعة"! وشمل تحذير بوتين ما وصفه بالعقوبات الاقتصادية غير القانونية في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا وقال بوتين إن القوات النووية ستوضع في حال تأهب قصوى لأن كبار مسؤولي الناتو سمحوا "بتصريحات عدوانية" تجاه روسيا. اليوم و نحن في الأسبوع الثاني من الغزو نسجل أن الغاز الروسي ما يزال يتدفق نحو الإتحاد الأوروبي و أن الصين تساند بحذر "زميلتها أو حليفتها!" روسيا و أن السياسة البريطانية و الألمانية و الفرنسية الداخلية بدأت تتأقلم مع حرب أوكرانيا لتعدل ساعاتها على الحدث الأخطر من ذلك أن الرئيس الفرنسي ماكرون بصفته رئيسا للإتحاد الأوروبي دوريا و بصفته مترشحا لعهدة رئاسية ثانية (مايو 2022) بدأ في تزعم حركة ردود الفعل الأوروبية ضد روسيا وتفعيل العقوبات ضدها حتى لو ضحى بعديد الإمتيازات الفرنسية التي تعود عليها الشعب الفرنسي بسبب علاقاته التاريخية بالإمبراطورية الروسية منذ قرون (المنطقة السياحية الأولى في جنوب فرنسا الساحل اللازوردي مأهولة إلى اليوم بعائلات روسية غنية هربت منذ عام 1917 من روسيا مع الثورة البلشيفية و استقرت في نيس و كان و مونتون) ثم إن رئيس الحكومة البريطانية و كذلك المستشار الألماني يشعران بحرج كبير أمام ما سمته (الغارديان) بالتهور و الخفة و انعدام المسؤولية لدى الرئيس الأوكراني منذ فوزه بالانتخابات عام 2015! و بنفس الإنتقادات المبطنة حللت كبرى المجلات الأمريكية (فورين بوليسي) وهي عادة الناطقة الرسمية باسم الأنتليجنسيا الأمريكية لتكتب في افتتاحية عددها لشهر مارس "بأن الحرب ما كانت لتكون لولا سوء التقدير و لولا تغليب العاطفة التاريخية على العقل السياسي" وهو نفس ما نقلته لكم من تحليل بعيد النظر حكيم التأمل للقامات الفكرية التي ذكرتها.أما نحن العرب فنخبتنا المشرقية تتخبط في تشبيه أوكرانيا بسوريا و العراق! و على قياداتنا الحذر كل الحذر مما يحدث في أوكرانيا حتى تمر العاصفة بأقل الخسائر!

التعليقات

سياسة التعليقات على موقع الثقافية التونسية.
1. يرجى الالتزام بالتعليق على الخبر أو التقرير أو المقال نفسه ، والابتعاد عن كتابة تعليقات بعيدة عن موضوع الخبر أو التقرير أو المقال.
2.يرجى الامتناع نهائيا عن كتابة أي عبارات مسيئة أو مهينة أو أي كلمات تخدش الحياء أو تحمل سبا وقذفا في أي شخص أو جهة أو تحوي معان مسيئة دينيا أو طائفيا أو عنصريا

أحدث أقدم

إعلانات

إعلانات