الشاعر الفلسطيني الكبير عبد الله عيسى
ولا أستطيع الذهاب إلى ضفّة النهر
خشية أن يتربّص بعدي الرعاةُ بفستانكِ الفستقيّ
الذي لوّثتهُ بغيرتها بنتُ جارتنا فوق حبل الغسيل ،
ولا أستطيع المكوثَ هنا في الممرّ القديمِ
المؤدي إلى ظلّكِ المنحني فوق شمعةِ عيد القيامةِ
كي لا يخفّ العصاةُ الخطى خلف قافلة العائدين من الحجّ .
ليس لديّ سوى ما انتظرتُ
، بمعجزتي أنني أشبه جسدي ،
طائعاً بين ما شاع عن رعشتَيْ عقربَيْ ساعةِ الجارةِ الأرملةْ .
لستُ ممن رأوكِ
، كمن يشتهي جسداً ، من وراء حجابٍ
لأتبع رائحةَ البئرِ ، بئرِكِ ، تعرضُ سيرةَ أعضائكِ الطيّباتِ على العابرينَ ، ومن يئسوا من أصابعهم ، بعد أن صاروا عبرةً للعوانس ، فوق الأسرّةِ .
ما ذقتُ ماءً ، وقد ذبل الضوء والمنحنى بين عينيّ ،
حتى أخرّ على جبهتي للحصى .
لم أكنْ بينهم قائماً بالحجارة
حتّى أطهّر ذاكرةَ الضوءِ في ملحِ عينيك ِ من خبثِ أوزارهم .
ما تركتُ المعابدَ خلفي ،
فآتيك ِ بالحرث ِأرضاً لزرعي.
وما طفتُ سبعاً ، بنايي وأفعاكِ مغشيّةً بخطيئتِها ، حول بيتي العتيقِ
فأنجو برجمِكِ من لعنةِ المِقصلةْ .
كلّ ما دبّرتْ حيرتي لي مكوثي على جنباتِ الطواحينِ
أدعو لسنبلةٍ أنبتتْ حَبّها في مخيّلةِ القانطينَ من اليأسِ ،
ليس لديّ سوى ما فقدتُ :
أضعتُ يديّ اللتين تمهّلتا الأبديّةَ حتّى أُتِمّ صلاتي لأجلكِ
، مُصفَرّتَينِ ، على حافّةِ الملكُوتِ ،
ومُلكي الذي خصّني خالقي دون غيري بهِ
بين أشواكِ تاجي وآلامِ دربِ القيامةِ .
لاشيء يبقى هنا بعدنا
في حديثِ العُصاةِ وأدعيةِ التائبينَ سوى الجُلجُلةْ.
إرسال تعليق
سياسة التعليقات على موقع الثقافية التونسية.
1. يرجى الالتزام بالتعليق على الخبر أو التقرير أو المقال نفسه ، والابتعاد عن كتابة تعليقات بعيدة عن موضوع الخبر أو التقرير أو المقال.
2.يرجى الامتناع نهائيا عن كتابة أي عبارات مسيئة أو مهينة أو أي كلمات تخدش الحياء أو تحمل سبا وقذفا في أي شخص أو جهة أو تحوي معان مسيئة دينيا أو طائفيا أو عنصريا