باريسيّات : البطاقة عدد 13
بقلم : مهدي غلاّب.
الأرنبُ والثّعلبُ ومصالحة العيد.
أينما مررت وسط باريس ، تعترضك الحدائق العموميّة المتنوّعة، شمالا وجنوبا، شرقا و غربا . تظهر كغطاء جذّاب ينسي روتينيّة الأيّام ويدفع المتساكنين إلى توزيع الخيارات ومزيد الإقتراب من الطبيعة بما يكفي ، باِعتبار أنّ عدد الحدائق وسط العاصمة "الذهبيَة" بلغ 162 مابين البلديَة منها والمحليّة والعموميّة الطبيعيّة على غرار حديقة "تروكاديرو" بالغرب و"مونصو" بالشمال و"شومان " بالشرق وغير ذلك كثير. بحيث تجاوزت نسبة الغطاء النباتي 37 ٪ دون اِحتساب الغابات المحيطة بالمداخل والممرات الخضراء والمسالك الصحيّة هنا وهناك والمساحة جدّ كافية الحقيقة لاِحتضان الأفراد والشجر والنهر والبحر ( البحيرات العذبة) والحيوانات الأهليّة وسط مدينة تتجاوز مساحتها ال 100 كم مربع وعدد معتبر من السكان بلغ أكثر من 12 مليون ساكن في الدائرة الباريسية وضواحيها السبعة منها أكثر من مليوني ساكن وسط باريس المدينة.
هذا ما نتوقّعه أو نقبله على الأقلّ من حيث الطّرح والمعطيات ، أمّا ما لا نتوقعه ولربّما نتردّد في تصديقه - وأنا أتفهّم ردّة الفعل - هو أن تعيش بقلب العاصمة أعداد لا تحصى وأنواع لا تتحدّد تقريبا من الحيوانات البريّة وحتّى المتوحشّة كذلك. ولم أصدّق ذلك إلا عندما رأيت بعيني وتابعت التحركات في بعض المواقع القريبة حتى من المنازل ومن دائرة القرار. رأيت الثعالب ترتع على مقربة من الأرانب في " باب مايو " وفي شارع الحربيّة تختفي ثم تعود بصغارها وعلى مقربة تمر السيّارات وتشق المارة الساحات وتجلس الغانيات المتبرّجات تنتظرن ما يجود به الليل من زبائن .
وقلت في نفسي هذه بلاد الأضداد والأعداء، يجتمع فيها المفترس مع الفريسة دون أن تقع المصيبة ويحصل المحظور ، فلا هذا يتغذّى من ذاك ولا قويّ يسطو على ضعيف ولا بشرا يطارد كائنا مهما كان نوعه والجرذان ترعى بسلام والعقاب لا تزعجه الجلبة ويطل من فوق الناطحات ويعمر الجسور
ويعشش بسلام فالمدينة مدينته. ولمّا تابعت الأمر وتثبتت على فترات، ظهر السنجاب الأشقر مرات يسلّم على العابرين ، حتّى كدت أحسب الأمر خرافة من خرافات بلاد الشمال. فأسعدني الحقيقة التنوّع والزخم الطبيعي الجذّاب .
ولا أعتقد أن السلطات غافلة عن التدخل والرّعاية لأن تهيئة أوكار الحمام متواصلة على قدم وساق، منذ 2006 . أما عدد الخفافيش بقلب العاصمة فقد بلغ 11 نوعا من مختلف الأجناس وكلها تأقلمت مع المدينة وأجواءها وحدائقها، كما أصبح النّسر والعقاب في كل زاوية من البنايات ولا نتحدّث عن الحمام الذي يعدّ بالملايين و البومة والرّاكون والسّلمون (saumon) والسّلمون المرقّط ( truite) و سلحفاة فلوريدا هذا دون الحديث عن الحشرات والطيور المتنوعة مثل الزّنبور واليعسوب والدّبور والنّحل و الكناري والشّحرور والغراب .
وقلت في نفسي هذه بلاد الأضداد والأعداء، يجتمع فيها المفترس مع الفريسة دون أن تقع المصيبة ويحصل المحظور ، فلا هذا يتغذّى من ذاك ولا قويّ يسطو على ضعيف ولا بشرا يطارد كائنا مهما كان نوعه والجرذان ترعى بسلام والعقاب لا تزعجه الجلبة ويطل من فوق الناطحات ويعمر الجسور
ويعشش بسلام فالمدينة مدينته. ولمّا تابعت الأمر وتثبتت على فترات، ظهر السنجاب الأشقر مرات يسلّم على العابرين ، حتّى كدت أحسب الأمر خرافة من خرافات بلاد الشمال. فأسعدني الحقيقة التنوّع والزخم الطبيعي الجذّاب .
ولا أعتقد أن السلطات غافلة عن التدخل والرّعاية لأن تهيئة أوكار الحمام متواصلة على قدم وساق، منذ 2006 . أما عدد الخفافيش بقلب العاصمة فقد بلغ 11 نوعا من مختلف الأجناس وكلها تأقلمت مع المدينة وأجواءها وحدائقها، كما أصبح النّسر والعقاب في كل زاوية من البنايات ولا نتحدّث عن الحمام الذي يعدّ بالملايين و البومة والرّاكون والسّلمون (saumon) والسّلمون المرقّط ( truite) و سلحفاة فلوريدا هذا دون الحديث عن الحشرات والطيور المتنوعة مثل الزّنبور واليعسوب والدّبور والنّحل و الكناري والشّحرور والغراب .
والعجيب في الأمر هو ما حدثني عنه صديق يعمل في وحدة العناية بالبريّة الباريسيّة وهو نوع غريب ومتوحش من أسماك القطط بمختلف الأحجام، تعمّر البحيرات والبرك المائية بالحدائق العموميّة الكبرى وهي أسماك معمّرة نشأت مع نشأة الحدائق الكبرى وتمّ جلبها من أماكن متعدّدة وتجاوز حجمها 5 كيلوغرامات أحيانا. وصارت تهدد الأعداد الهائلة من الإوز والبطّ ولكن لم نسمع يوما ب"جريمة حيوانيّة"، رغم أنّ أعدادها تزايدت وأحجامها تعاظمت وتجاوزت البرنامج التأهيلي البلدي. بحيث بقي حضورها غامضا ومخيفا في آن .وقد تأكدت بنفسي ووجدت أن هذا العملاق الغريب لا يبتعد في محيطه ومكان معيشته عن بيتي إلا بضعة أمتار .
نسيت الأمر في ساعتها لأنّه تنوّع والحقيقة ثراء يسلب الذهن ويجدّد التفكير ويشبّب الشيخ ويرفّه عن المهموم. ثم تذكرت كيف تضرب الأرنب موعدا مع الثعلب على مرأى و مسمع من النّاس، قلت في نفسي علّها مصالحة العيد، ولربّما تتحفنا الأرانب برقصاتها الوديعة دون أن نفكر في الملوخيّة ومحتوياتها أصلا.
نسيت الأمر في ساعتها لأنّه تنوّع والحقيقة ثراء يسلب الذهن ويجدّد التفكير ويشبّب الشيخ ويرفّه عن المهموم. ثم تذكرت كيف تضرب الأرنب موعدا مع الثعلب على مرأى و مسمع من النّاس، قلت في نفسي علّها مصالحة العيد، ولربّما تتحفنا الأرانب برقصاتها الوديعة دون أن نفكر في الملوخيّة ومحتوياتها أصلا.
مهدي غلاّب / باريس.
إرسال تعليق
سياسة التعليقات على موقع الثقافية التونسية.
1. يرجى الالتزام بالتعليق على الخبر أو التقرير أو المقال نفسه ، والابتعاد عن كتابة تعليقات بعيدة عن موضوع الخبر أو التقرير أو المقال.
2.يرجى الامتناع نهائيا عن كتابة أي عبارات مسيئة أو مهينة أو أي كلمات تخدش الحياء أو تحمل سبا وقذفا في أي شخص أو جهة أو تحوي معان مسيئة دينيا أو طائفيا أو عنصريا